الموضوع: مُهاجر
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-19-2023, 06:16 AM
المشاركة 198
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مُهاجر
/

أستلقي على أريكة الوعي
ألاعب بضع أبعاد لصورة معلقة على حائط مائل في العقل..
فلم تكن تجربة الأمس عصيبة وحسب
وإنما استطاعت بجبروتها أن تترك ندوباً في وجه الزمن،
وان ترصع غبار الغباوة على تلابيب وجوهنا الرتيبة
دار بي فلك الحظ دون رأفة..
ليسقطني على متن تلك الوهلة التي ما ان رأتني
حتى اطلقت صغارها من كل ناحية وصوب..
وها هي ذي خدوشها لازالت غائرة في صلب جسدي
فتملؤني بالخطيئة من رأسي حتى أخمص قدماي

احمل جسدي المتثاقل من غيبوبته..
اجر الخطوة تلو الاخرى
اتسكع في زوايا البيت المسكون بالغربة
هدوء مستبد.. وتكاد جميع الاشياء تستقيل من اصواتها
لا هواء في داخلي.. ولا خريطة تدلك على صوت الوجود
يُغريك صمت الامكنة..
صوت عربات محملة بأصوات عذبه لصغار كانوا يلحون على مسامع الوقت..
نحتاج مزيداً منك للعب
ازيز صوت يحاول عبثاً إقتحام اسوار الاب الشائكة
تبث فيه شيئاً من رجاء الخروج.. ولكن.. عبثاً..دون استجابة
كومة من ثرثرة تحلقت حول مائدة مصغرة من تمر وتفاح ورمان..
وتطوف حول احتمالات متعددة لنكسة جارنا التي لا تغتفر
تقول احداهن.. ما كان عليه أن يُقبِل على تجربة من هذا القبيل
ترد الاخرى.. معك الحق كله،، حيث انه لا يحسن التدبير
بَلبلة تفجرت من كمائن صمت الجدة..
لا تسهو من تناول تلك الحبة المسكنة وهي تشكو..
اني ارى اثار الصداع تمتد امامي..
هذا الحشد المتعاظم من الالم ،،
ترى من اعطاك حق اللجوء والزهو في مملكة رأسي..!
قهقهات تسربت من الغرفة الاخرى.. كانوا قد احكموا دائرة مغلقة..
يتسابقون في إلقاء بطاقات اللعب "الرجرتو" التي تعتقت أوجهها بروائح تمردهم..
يصرخ آخر من الغرفة المقابلة مناديا بأعلى صوته..
الا من زاوية فارغة تفصلني عن عالمكم هذا..
ما من سبيل للمذاكرة.. مَن مِن شأنه أن يساعدني على هذا المصير الذي أجهله
تكتظ الاصوات في داخلي.. تتزاحم..
تجتر معاركاً في كل انحاء جسدي
احاول ان امسك بهذه الذكريات التي لا تكف قط عن الطنين في رأسي
أن أجد شظية من صوت ما
لأبتر به اخر وريد يصلني بها

امسك بجهاز التلفاز.. اقلّب القنوات الفضائية على مضض
لم اجد ما يشبع رغبتي.. فأطفئه

اتناول جريدة مهترئه ملقاة على مقربة.. اقلب صفحاتها المتحجرة بمآسي الظلم والحرب
والتي لطالما لم تحرك ساكنا في قلوبنا المتحجرة..
اتحسر..فأتركها كالعادة جانباً..

اطل من النافذة..
وحيث لا شيء يوحي بالحياة خارجياً سوى معركة حامية الوطيس بين قطين سوداوين..
أراقبهما.. لم أفهم حيثيات الواقعة..
فأعود أدراجي
إلى حيث تركت ظلي ذات ساعة بين صفحات كتاب.. وحيث لا ظل الا ظل "فهرس" ..
اتابع قراءة صفحاته التي احتضنت العراق ذات مرة..
العراق الجريح وروائحه المتعتقه ليس في الانسان وحسب،
بل في الحجر والشجر،
فلسفة الاشياء وذاكرة الجمادات في ظل الحرب والفقد،
ودود بطل الرواية والذي سحقته عربات الحرب ليمضي حاملاً شبح افكاره
نمير البطل الاخر ويومياته والتيه بين فواصل عروبته والاغتراب..
ما بين بغداد ونيويورك .. حيث تتالت احداث الرواية
وحيث لا فرق، لا فرق..
ما بين الذات والفقد أحاول أن أتلو شيئا
ولكن،،
عبثا،،
لا تكتمل الرواية..