عرض مشاركة واحدة
قديم 10-17-2010, 11:21 AM
المشاركة 393
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
ليون غونتران داما


الذي أراد أن يكون زنجياً أكثر من إفريقيا نفسها

آسية السخيري

ما أنجزه ليون غونتران داما للأدب الزنوجي لا يمكن التوصّل إلى سرده كما ينبغي مثلما يقول دانيال ماكسيم الذي يطالب بردّ الاعتبار إلى رفيق سيزير وسنغور اللذين كوّنا معه الثلاثي المؤسس للشعر الزنوجي. هذا الشاعر الذي يُعتبر أكثر من وقع تجاهلهم وأُسيء فهمهم رغم أنه كان من أصدق أصوات الكاراييب والعالم الثالث في القرن العشرين.
غنّى داما الألثغ شعوره بالوحدة، غنّى رعبه من أن تتخلّى عنه التي يحبّها وينتظر لقاءها، غنّى الحزن والذل والخضوع إلى "التشذيب" كما هو الحال بالنسبة إلى موسيقى الجاز التي يجلّها. يقول الناقد كاثلين جيسال إن داما كان شاعر الوفاء المطلق للإنسانية، والذي سعى إلى فضح المسكوت عنه، وكان الوحيد الذي استطاع الصدح ملء محبّته في معاركه كلها من أجل إنهاء الاستعمار وإنهاء انتهاك حقوق بني البشر. "هذا الصباح، أستيقظ والألم الأسود يغمرني/ حبيبتي مضت وتخلّت عني / قلبها أسود مثل الفحم" (مقطع من إحدى أغاني البلوز).
لا ينفك داما عن ترديد أنه لم يختر شيئاً يحبّه في حياته، وهل أدهى من أن يحس المرء بأنه أعزل من إرادته في أن يكون هو؟ هل أمرّ من أن "يبيّضوا" إنساناً لا يطمح إلى شيء آخر غير أن يكون زنجياً أكثر من إفريقيا نفسها: "مشذّب/ كراهيتي تنمو على هامش/ الثقافة/ على هامش/ النظريات/ على هامش الثرثرة/ التي كانوا يرون وجوب حشوي بها في المهد/ في حين أن كل شيء فيّ لا يتوق إلا إلى أن يكون زنجياً/ أكثر من أرضي/ إفريقيا التي نهبوها".
ولد ليون غونتران داما في 28 آذار 1912 بكايين (في غويانا الفرنسية). توفيت والدته وهو في عامه الأول فربّته عمّته. بعد دراسته الابتدائية في كايين، تابع تعليمه في فور دي فرانس بمدرسة شولشر الثانوية حيث كان رفيق فصل لإيمي سيزير. انتقل إلى فرنسا لمواصلة دراسته عام 1928، واستقرّ في باريس عام 1929، حيث بدأ تعلّم اللغتين الروسية واليابانية.
وكان يتابع في الوقت نفسه دراسة الحقوق ويرتاد كلية الآداب، قبل أن ينتسب في فترة لاحقة إلى معهد الإيثنولوجيا في باريس. صُدم داما بمظاهر التمييز العنصري في فرنسا وبما يحدث في أماكن أخرى على الجبهة الأوروبية الفاشية وفي بلد العم توم. تابع عن كثب (أكثر من سيزير وسنغور) مشكلة التمييز العنصري في أميركا، وفي غضون ذلك، ترجم مشاعره ومواقفه في جملة من أشعاره التي عكست ألمه أمام الكارثة العنصرية وتابو العلاقات بين مختلف الأجناس وفضح خيالات تستحوذ على الرجل الأبيض بخصوص السود، كما عرّى ما يعيشه الزنوج من إحباطات واضطهاد في مجتمعات البيض.
صار سكرتير تحرير مجلة "الطالب الأسود" عام 1935، وبعد عامين نشر كتيّبه الشعري "أصباغ" الذي كان مرفقاً برسومات من الخشب المحفور لداعية السلام فرانس مازيريل. عاد إثر ذلك إلى غويانا سنة 1938. نشر "نقش أثري" سنة 1953 و"علامة سوداء" سنة 1956: عنوان مُرعد، لمشروب روحي مرير، يبدو مثل موسيقى جاز "العلامة الزرقاء" وكوكتيلات منطقة البحر الكاريبي "كوبا حرّة".
إلى جانب اهتمامه بالتمييز العنصري على الصعيد العالمي وتضامنه مع الجنود والعاهرات، نجح داما في مسيرته السياسية والأدبية من دون أن يفصل بين أي من هذه الالتزامات. إثر وفاة نائب غويانا، رينيه جافار خلفه داما في الفترة الفاصلة بين عامَيْ 1948 و1951 في الجمعية الوطنية الفرنسية. ارتبط بصداقة عميقة مع آلان لوك وكلود ماكي (الذي نقشه في "علامة سوداء "Black-Label"). في عام 1977، أصيب بورم سرطاني تحت اللسان، ثم بسرطان الحنجرة، وتوفي في 22 كانون الثاني سنة 1978 في واشنطن.