الكوميديا الإلهية (بالإيطالية: Divina Commedia) هو عمل ألفه الإيطالي دانتي أليغييري منذ عام 1308 حتى وفاته في عام 1321. تعد الكوميديا الإلهية من أهم وأبرز الملحمات الشعرية في الأدب الإيطالي، ويرى الكثيرون بأنها من أفضل الأعمال الأدبية في الأدب على المستوى العالمي. تحتوي الملحمة الشعرية على نظرة خيالية بالاستعانة بالعناصر المجازية حول الآخرة بحسب الديانة المسيحية، وتحتوي على فلسفة القرون الوسطى كما تطورت في الكنيسة الغربية (الكاثوليكية الرومانية). بالرغم من الاختلاف فى مبدا التصوير سواء الذى اتبعه دانتى فى الكوميديا الالهيه او اتبعه من قبل ابى العلاء المعرى فى رائعته رساله الغفران الا انه لا يمكن اخفاء تأثير الكوميديا الإلهية الكبير طوال القرون الماضية. والمؤكد بالطبع ان الكوميديا الإلهية هي واحدة من روائع الأدب العالمي، وتأثيرها لاشك فيه. لكن العجيب في أي دراسة عربية عن دانتي والكوميديا الإلهية، ألا تتضمن حديثا عن الأصل العربي الذي استقى منه دانتي مباشرة الكوميديا الإلهية مع ان هذه القضية قد حسمت منذ زمن طويل.كما اشرت من قبل اذ حسم الامر المستشرقون وليس الادباء او المؤرخين العرب فالثابت ان دانتي استقى فكرة، الكوميديا الإلهية بل ومضمونها الى حد كبير من رسالة الغفران لأبي العلاء المعري ولهذا قصة معروفة. لم يكن معروفا عن رسالة الغفران الشيء الكثير حتى اكتشف المستشرق الإنجليزي نيكلسون مخطوطها، ونشر ملخصا للجزء الأول منها في عام 1900 وملخصا للجزء الثاني في عام 1902 وفي عام 1919، أثار المستشرق الأسباني بلاسيوس ضجة كبرى عندما نشر دراسة بعنوان الإسلام والكوميديا الإلهية اثبت فيها ان الكوميديا الإلهية مقتبسة من رسالة الغفران. وأثار ما ذكره غضبا عارما في أوساط الإيطاليين واعتراضهم. وانصب اعتراضهم على أنه لا يوجد أي دليل على أنه قد أتيح لدانتي ان يقرأ رسالة الغفران باللغة التي يفهمها ولم يحقق اى من المعترضين حينها التشابه بل التطابق بين النصين فى العديد من الحواشى والمواقف والابيات.. ولم يأت هذا الدليل الذى طالبوا به إلا عام 1949، عندما نشر المستشرق الإيطالي تشيروللي دراسة ذكر فيها تفصيلا كيف وصلت رسالة الغفران إلى دانتي. ذكر أن الفونسو العاشر ملك قشتالة بأسبانيا وكان معنيا بالادب وكل ما هو متبقى من ثوره العرب العلميه والادبيه. أمر بترجمة رسالة الغفران إلى القشتالية في عام 1264 اي قبل مولد دانتي بعام واحد. وفي نفس العام طلب من مترجم إيطالي ترجمتها من القشتالية إلى اللاتينية والفرنسية القديمة لنشرها فيما وراء الحدود الاسبانية. والعامل الحاسم الذي جعل المستشرقين الغربيين يجزمون باقتباس دانتي الكوميديا الإلهية من رسالة الغفران هو التشابه الكبير جدا بين العملين، مع العلم بالطبع ان المعري كتب رسالته قبل دانتي بقرون وان اختلف اسباب ابداع كل منهم لمؤلفه سواء كان ابداعا اصيلا كما للمعرى او منقولا بتصرف كما مع دانتى . فرسالة الغفران هي رحلة خيالية مدهشة إلى الدار الآخرة، الى الجنة ثم الى الجحيم، والكوميديا الإلهية هي نفس الشيء، لكنها تبدأ بالجحيم. والمعري اتخذ له رفيقا في الرحلة يحاوره هو ابن القارح ودانتي اتخذ الشاعر الروماني فرجيل رفيقا. ورحلة المعري تقوم على حوارات مع شعراء وأدباء، ورحلة دانتي كذلك تقوم على حوارات مع فلاسفة وأدباء.. وهكذا. بل ان المستشرقين الغربيين اوردوا نصوصا من الكوميديا تكاد تكون منقولة بالنص من رسالة المعري. إثارة مثل هذه القضية اليوم مهم. ليس فقط لأنها من الحقائق التاريخية، ولكن من المهم ان نبرز، في ظل الحملة التي نتعرض لها، فضل العرب والمسلمين على الحضارة الغربية... المعري هو الأصل، ودانتي هو الفرع. . .. .