عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2022, 08:05 AM
المشاركة 8523
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال

4522

.... هُمَا كَرُكْبَتِي البَعِيرِ ....


قَالَ ابن الكلبي‏:‏ إن المثل لِهرِمِ بن قُطْبةَ الفَزَاري، تمثَّلَ به
لعلْقمة بن عُلَاثة وعامر بن الطُّفَيل الجعفريين حين تنافرا
إليه، فَقَالَ‏:‏ أنتما كَرُكْبَتَي البعير يا ابني جعفر تَقَعَانِ مَعًا، ولم
يُنْفِّرْ أحَدَهما على الآخر، وذلك أنهما انتهَيَا إليه مساء، فأمر
لكل واحدٍ منها بِقُبَّةٍ، وأمر لهما بالأنزال وما يحتاجان إليه،
فلما هَدَأت الرِّجْلُ أتى عامرا فَقَالَ له‏:‏ لماذا جئتني‏؟‏ قَالَ:
جئْتُك لُتَنَفِّرني على علقمة، فَقَالَ‏:‏ بئس الرأي رأيت، وساء ما
سَوَّلَتْ لك نفسُكَ، أُفْضِّلُكَ على علقمة ومن أمره كذا وكذا‏؟
يعدِّد مفاخِرَه ومآثره وقديمه وحديثَه، والله لئن رأيتُكَ غدًا
معه متحاكمين إليَّ لأنفرنَّهُ عليك، ولَا يطلق القلم مني به وبك
غيره، ثم تركه ومضى إلى عَلْقَمة فَقَالَ‏:‏ ما جاء بك‏؟‏ قَالَ‏:‏ جئتك
لتُنفِّرِني على عامر، فقال: أين غاب عنك حلمُكَ ‏؟‏ أعلى عامر
أفضِّلُك‏؟‏ وقديم عامر كذا وكذا، وحَسَبُهُ كذا، والله لئن نافَرْتَهُ
إلي لأحكمن له، فأقْدِمْ على ما تريد أو أَحْجِمْ عنه، ثم فارقه
ورجع إلى بيته، فلما أصْبَحَا قَالَا‏:‏ نرجع ولَا حاجة بنا إلى
التنافر، ولَا يدري كل واحدٍ منهما ما عند صاحبه، فلما كانا
في بعض الطريق تلقَّاهُما الأعْشَى، فسألهما عما خرجا له، فأخبراه
بقصتهما، فَقَالَ الأعْشَى لعلقمة‏:‏ ما لي عندك إن نَفَّرْتُكَ على
عامر‏؟‏ قَالَ‏:‏ مئة من الإبل، قَالَ‏:‏ وتُجِيرُنِي من العرب‏؟‏ قَالَ‏:‏ أجيرك
من قومي، فَقَالَ لعامر‏:‏ فإن أنا نفرتك على علقمة فما لي عندك‏؟
قَالَ‏:‏ مئة من الإبل، قَالَ‏:‏ وتُجيرُني من أهل الأَرض‏؟‏ قَالَ‏:‏ أجيرك
من أهل السماء والأَرض، قَالَ الأعْشَى‏:‏ تُجيرُني من أهل الأَرض
فكيف تُجيرُني من أهل السماء‏؟‏ قال‏:‏ إن مات أحد من وَلْدَك
أو أهلك ودَيْتُه، وإن ماتت لك ماشية فعليَّ عِوَضُها، قَالَ‏:‏ نعم،
فمدح عامرا، وهجا علقمة، فَقَالَ من قصيدته في هجائه:

أعَلْقَمُ قَدْ حَكَّمْتَنِي فوجدتني
بكُم عالمًا عند الحكومة غائصا

كِلَا أَبَوَيْكُم كانَ فَرْعَيْ دِعَامَةٍ
ولكنَّهُمْ زَادُوا وَأصْبَحْتَ نَاقِصَا

تَبِيتُونَ في المَشْتى مِلَاءً بُطُونُكُمْ
وَجَارتُكُمْ غَرْثَى يَبِتْنَ خَمَائِصَا

فَمَا ذَنْبُنَا إن جَاشَ بَحْرُ ابن عَمَّكُمْ
وبَحْرُك سَاجٍ مَا يُوارِي الدَّعَامِصَا*


وكان يُقَال‏:‏ مَنْ مدحه الأعْشَى رَفَعه ومَنْ هَجَاه وضَعه، وكان
يُتَّقَى لسانه، وكان علقمة ممن آمن وصار من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وأما عامر فلَا.

‏*الدعامص‏:‏ جمع دعموص‏.‏ وهي دويبة تغوص في الماء.