عرض مشاركة واحدة
قديم 09-15-2022, 05:30 PM
المشاركة 8427
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال

4433

.... أَوْفَى مِنْ عَوْفِ بنِ مُحَلِّمٍ* ....


كان من وفائه أن مَرْوَان القَرَظِ بن زنباع غزا بكر بن
وائل، فَقَصُّوا أثرَ جيشِه، فأسره رجل منهم وهو لَا
يعرفه، فأتى به أمه، فلما دخل عليها قَالَت له أمه:
إنك لتَخْتَالُ بأسيرك كأنك جئت بمَرْوان القرظ، فَقَالَ
لها مروان‏:‏ وما تَرْتَجِينَ من مروان‏؟‏ قَالَت‏:‏ عظم فدائه،
قَالَ‏:‏ وكم ترتجين من فِدَائِه‏؟‏ قَالَت‏:‏ مئة بعير، قَالَ مروان:
ذاك لك على أن تؤديني إلى خَمَاعَةَ بنت عَوْف بن مُحَلم،
وكان السبب في ذلك أن لَيْثَ بن مالك المسمى بالمنزوف
ضَرِطًا لما مات أخذت بنو عَبْس فرسَه وسَلَبه ثم مالوا إلى
خِبَائه فأخذوا أهلَه وسلَبوا امرأته خُمَاعَةَ بنت عَوْف بن
مُحَلم، وكان الذي أصابها عَمْرو بن قاربٍ وذُؤَاب بن
أسماء، فسألها مروان القرظ‏:‏ مَنْ أنتِ‏؟‏ فَقَالَت‏:‏ أنا خُمَاعة
بنت عَوف بن مُحَلم فانتزعها من عمرو وذُؤَاب لأنه كان
رئيسَ القوم، وقَالَ لها‏:‏ غَطِّي وجْهَك، والله لَا ينظر إليه
عربي حتى أردك إلى أبيك، ووقع بينه وبين بني عبس شر
بسببها، ويُقال‏:‏ إن مروان قَالَ لعمرو وذؤاب‏:‏ حَكِّماني في
خُماعة، قَالَا‏:‏ قد حكَّمناك يا أبا صهبان، قَالَ‏:‏ فإني اشتريتها
منكما بمئة من الإبل، وضمَّها إلى أهله، حتى إذا دخل الشهر
الحرام أحسن كُسْوَتها وأخْدَمها وأكرمها وحَمَلَها إلى عُكاظ،
فلما انتهى بها إلى منازل بني شيبان قَالَ لها‏:‏ هل تعرفين
منازل قومك ومنزل أبيك‏؟‏ فَقَالَت‏:‏ هذه منازل قومي وهذه
قُبَّةُ أبي، قَالَ‏:‏ فانطلقي إلى أبيك، فانطلقت فخبرت بصنيع
مروان، فَقَالَ مروان فيما كان بينه وبين قومه في أمر خُمَاعة
ورَدِّها إلى أبيها:

رَدَدْتُ عَلَى عَوْفٍ خُمَاعَةَ بَعْدَ مَا
خَلَاها ذُؤَابٌ غَيْرَ خَلْوَةِ خَاطِبِ

وَلَوْ غَيرُها كَانَتْ سَبِيَّةَ رُمْحِهِ
لَجَاء بِهَا مَقْرُونةً بِالذَّوَائِبِ

وَلكِنَّهُ أَلْقَى عَلَيْهَا حِجَابَهُ
رَجَاء الثَّوَابِ أوْ حِذَارَ العَوَاقِبِ

فَدَافَعْتُ عَنْهَا نَاشِبًا وَقَبِيلَهُ
وَفَارِسَ يَعْبُوبٍ وَعَمْرَو بْنَ قَارِبِ

فَفَاديْتُها لمَّا تبَيَّنَ نصفها
بِكُومِ المتَالَى وَالعِشَارِ الضَّوَارِبِ

صُهَابِيَّةٍ حُمْرِ العَثَانِينِ وَالذُّرَى
مَهَارِيسَ أمثالِ الصُّخُورِ مصاعِبِ


في أبيات مع هذه؛ فكانت هذه يدا لمروان عند خُماعة، فلهذا
قال‏:‏ ذاك لك على أن تؤديني إلى خُمَاعة بنت عوف بن محلم
فَقَالَت المرأة‏:‏ ومَنْ لي بمئة من الإبل‏؟‏ فأخذ عُودًا من الأَرض
فَقَالَ‏:‏ هذا لك بها، فمضَتْ به إلى عوف بن مُحَلم، فبعث
إليه عمرو بن هند أن يأتيه به، وكان عمرو وجد على مروان
في أمر، فآلى أن لا يعفُوَ عنه حتى يضع يَدَه في يَدِه، فَقَالَ عَوْف
حين جاءه الرسول‏:‏ قدْ أجارتْهُ ابنتي، وليس إليه سبيل، فَقَالَ
عمرو بن هند‏:‏ قد آليت أن لَا أعفو عنه أو يَضَعَ يَده في يدي،
قال عوف‏:‏ يَضَعُ يده في يدك على أن تكون يدي بينهما، فأجابه
عمرو بن هند إلى ذلك، فجاء عوف بمروان فأدخله عليه فوَضَعَ
يده في يده ووضع يده بين أيديهما، فعفا عنه، وقَالَ عمرو:
لَا حُرَّ بوادي عوف، فأرسلها مثلًا، أي لَا سيد به يناويه، وإنما
سمي مروان القَرَظِ لأنه كان يغزو اليمنَ وهي منابت القَرَظِ.

*‏انظر المثل رقم 4438