عرض مشاركة واحدة
قديم 10-14-2010, 10:34 AM
المشاركة 31
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
وكشفت صحيفة ( يديعوت أحرونوت ) في جملة الوثائق التي تم كشفها في ذكرى أكتوبر لهذا العام 2010م , أن انهيار ديان لم يكن على المستوى القيادى والشخصي فقط , بل تجاوزه إلى المستوى الأخلاقي أيضا !

فقد أصدر أوامره بتجاهل الجرحى الإسرائيليين وتركهم لمصيرهم لخوفه من حالة التآكل التي صاحبت القوات الإسرائيلية منذ بدء الحرب ومنع قواته من أى محاولة للتدخل بغرض إخلاء الجرحى والإقتراب من خط بارليف المحطم والذي سقط في قبضة الجيش المصري ,
كما أن الإنهيار طال رئيسة الوزراء الإسرائيلية حتى أنها فكرت في مبدأ ( شمشون ) وهو استخدام السلاح النووى لا سيما ضد القوات السورية ,
وقال المعلق البارز في صحيفة يديعوت أحرونوت نحوم برنيع تعليقا على محاضر الجلسات التى تم كشفها قبل أيام :
( إن المحاضر تعكس عمق الهلع الذي ألم بإسرائيل وقتها، مشيرا إلى أنها ألمحت لتداول إسرائيل ردود فعل لم تبحث من قبل أبدا، ) [1]
وردود الأفعال التى أشار إليها ناحوم بريع هى مسألة التفكير فى استخدام القوة النووية ضد مصر وسوريا بعد أن سيطر على التفكير الإسرائيلي أنهما لن يتوقفا عن الحرب حتى حدود الدولة اليهودية !
ففي أحد هذه المحاضر أشار ديان صراحة إلى أن نوايا مصر وسوريا ستطول الأراضي الإسرائيلية ولن يتوقفا عند حدود 67 كما أشار ديان إلى الأردن أيضا سيدخل الحرب ونظرا لما يمتلكه الأردن من حدود طويلة للغاية مع إسرائيل فتدخله فى القتال بأى قوة عسكرية معناه فتح جبهة ثالثة قريبة من العمق الإسرائيلي فى الوقت الذى ينهار فيه الجيش أمام جبهتين

ولم تهدأ تلك المخاوف إلا بعد أن تلقت الحكومة الإسرائيلية تأكيدات هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية بأن الأردن لن يتورط فى القتال الدائر مهما كانت الضغوط على الملك حسين !!
ويشير كيسنجر فى مذكراته إلى أنه راسل الملك حسين وحذره من الإشتراك استجابة للضغوط العربية وأن الملك كان رجل دولة ـ على حد وصف كيسنجر ـ فلم يفتح الجبهة الثالثة فى الحرب ! [2]
كما حذر كيسنجر جولدا مائير من الخيار النووى
وأن المخاوف من إمتداد الحرب إلى مسألة بقاء إسرائيل ليست واقعية لعدم قدرة مصر التسليحية للوصول بقواتها إلى آخر حدودها فى سيناء ,[3]

والنقطة الأخيرة التى يمكننا استخلاصها من حديث أهارون ياريف ..
أن إسرائيل على مستوى القادة تدرك تماما أنها لا تتمتع بأى قوة حقيقية رغم ترسانة الأسلحة الرهيبة فى حوزتها ورغم القدرات العسكرية فى العدد والعتاد ,
ذلك أن الجندى الإسرائيلي لا يمتلك عقيدة حقيقية يدافع بها عن وطنه لأنه يدرك فى أعماقه أنه ليس وطنا له بل هو أرض مغتصبة فى مواجهة أصحاب الحق ذوى العقيدة الراسخة ,
يتضح ذلك من كمية التشاؤم التى كست أهارون ياريف وهو يطمئن الشعب المصدوم أن وجوده لا يستدعى القلق !!
ونسي ياريف أنه يتحدث إلى شعب لم يدر فى أبشع كوابيسه أن يتعرض الجيش الإسرائيلي لهزيمة من الأصل , وأن اعتراف ياريف بالهزيمة إلى هذا الحد من الإنهيار يمثل صدمة عملاقة لا يفوقها إلا حديث المتحدث العسكري عن مسألة بقاء إسرائيل والتى فاقت كل الحدود بالنسبة للشعب الإسرائيلي ..
وأدركوا أنهم أمام قادة يرون أن غاية الأمانى فى تلك الحرب الضروس هى أمل البقاء لإسرائيل !

وهذا أمر غريب للغاية إذا تأملناه وعرفنا أن الجيش المصري فى ذلك الوقت كان يقاتل داخل حدوده بسيناء ولم يجتز منها إلا خمسة عشر كيلومترا وأمامه 200 كيلومتر حتى خط الحدود الدولية ,
بل إن مضايق سيناء وهى الهدف النهائي للحرب ـ وفق الخطة بدر ـ لم تكن تمتد لأكثر من خمسين كيلومترا !
بالإضافة إلى أن مدى حائط الصواريخ المصري على القناة والذي يتكفل بحماية القوات المصرية من الطيران الإسرائيلي لم يكن مداه يجتاز 15 كيلومترا ,
في ظل تفوق نوعى وكمى هائل لسلاح الجو الإسرائيلي الذى لا يجاريه في قدرته الطيران المصري بإمكانياته أثناء الحرب ولا يستطيع الطيران المصري الدفاع عن القوات المصرية لو خرجت من نطاق حائط الصواريخ لأن هذا الأمر يتعدى إمكانياته بلا شك
فما هو الداعى لذعر القادة الإسرائيليين لدرجة إحساسهم بأن بقاء إسرائيل نفسه أصبح موضع شك ؟!
وما هو تفسير هذا الذعر الهائل الذى كان ملما برجال الجيش الإسرائيلي والمفروض أنهم رجال قوات مسلحة !


الهوامش :
[1]ـ المصدر السابق
[2]ـ مذكرات هنرى كيسنجر بعنوان ( سنوات الفوران )
[3]ـ أكتوبر 73 ( السلاح والسياسة ) ـ محمد حسنين هيكل ـ مركز الأهرام للترجمة والنشر