عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2022, 08:06 AM
المشاركة 8273
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال

4291

.... أَنْدَمُ مِنَ الكُسَعِيِّ ....


قَالَ حمزة‏:‏ هو رجل من كُسَعَ، واسمه مُحَارب بن
قيْس، وقَالَ غيره‏:‏ هو من بني كُسَع ثم من بني محارب،
واسمه غامد بن الحارث.
ومن حديثه أنه كان يَرْعَى إبلًا له بوادٍ مُعْشب، فبينما هو
كذلك إذ أبْصَرَ نَبْعَة في صَخْرة، فأعجبَتْهُ، فَقَالَ‏:‏ ينبغي أن
تكون هذه قوسًا، فجعل يتعهدها ويرصدها حتى إذا
أدْرَكتْ قطعها وجَفَّفها، فلما جفت اتخذ منها قوسًا، وأنشأ
يقول:

يارَبِّ وَفِّقْنِي لِنَحْتِ قَوْسِي
فإنَّهَا مِنْ لَذَّتِي لِنْفْسِي

وَانْفَعْ بِقَوْسِي وَلَدِي وَعِرْسِي
أنْحَتُها صَفْرَاء مِثْلَ الوَرْسِ

*صفْرَاء لَيْسَتْ كَقِسيِّ النِّكْسِ*


ثم دهَنَها وخطمها بوَتَر، ثم عمد إلى ما كان من بُرَايتها
فجعل منها خمسةَ أسْهُمْ، وجعل يقلبها في كفه ويقول:

هُنَّ وَرَبِّي أسْهُمٌ حِسَانُ
تلذ للرَّامِي بِهَا البَنَانُ

كأنَّما قوامها مِيزَانُ
فأبشِرُوا بِالخِصْبِ يَا صِبْيَانُ

*إن لم يَعُقْنِي الشّؤمُ والحِرْمانُ *


ثم خرج حتى أتى قُتْرَةً على مَوَارد حُمْر فكمن فيها، فرمى
قطيع منها، فرمى عَيْرًا منها فأمخطه السهمُ‏:‏ أي أنفذه فيه
وجازه، وأصاب الجبل فأوْرَى نارًا، فظنَّ أنه أخطأه فأنشأ
يقول:

أعُوذُ بالله العَزِيزِ الرَّحْمنْ
مِنْ نَكَدِ الْجَدِّ مَعًا وَالْحِرْمَانْ

مَا لي رَأيْتُ السَّهْمَ بَيْنَ الصوَّانْ
يُورِي شَرَارًا مِثْلَ لَوْنِ الْعِقْيَانْ

*فأخْلَفَ الْيَوْمَ رَجَاءَ الصِّبْيَانْ*

ثم مكث على حاله فمر قطيع آخر، فرمى منها عَيْرًا
فأمْخَطَه السهم، وصَنَعَ صنيع الأول، فأنشأ يقول:

لَا بَارَكَ الرحمنُ في رَمي القَتر
أعُوذُ بالخْالِقِ مِنْ سُوء الْقَدَرْ

أأمْخَطَ السَّهْمُ لإرْهَاقِ البَصَرْ
أمْ ذَاكَ مِنْ سُوءِ احْتِياَلٍ وَنَظَرْ

ثم مكث على حاله، فمر قطيع آخر، فرمى منها عيرًا
فأمخطه السهم، فصنع صنيع الثاني، فأنشأ يقول:

مَا بَالُ سَهْمِي يُوْقِدُ الْحُبَاحِبَا
قَدْ كُنْتُ أرجُو أنْ يَكُونَ صَائِبَا

وأمكن العير وَوَلَّى جَانِبا
فَصَارَ رَأْيِي فِيهِ رَأْيًا خَائِبا


ثم مكث مكانه، فمر به قطيع آخر، فرمى عيرًا
منها، فصنع صنيع الثالث، فأنشأ يقول:

يَا أَسَفِي للِشُّؤمِ والجَدِّ النَّكِدْ
أَخْلَفَ مَا أرْجُو لأهْلٍ وَوَلَدْ

ثم مر به قطيع أخر، فرمى عيرًا منها فصنع صنيع
الرابع، فأنشأ يقول:

أبَعْدَ خَمْسٍ قَدْ حَفِظْتُ عَدَّهَا
أحْمِلُ قَوْسِي وَأرِيدُ ورْدَهَا

أخْزَى الإلهُ لينها وَشدَّهَا
وَاللهِ لاَ تَسْلَمُ عِنْدِي بَعْدَهَا

*وَلَا أُرَجِّي مَا حَيِيتُ رِفْدَهَا*


ثم عمد إلى قوسه فضرب بها حَجَرًا فكسرها، ثم بات، فلما
أصبح نظر فإذا الْحُمُرُ مطروحة حوله مُصَرعة، وأسهمه
بالدم مُضَرَّجة، فندم على كَسْر القوس، فشدَّ على إبهامه
فقطعها، وأنشأ يقول:

نَدِمْتُ نَدَامَةً لَوْ أنَّ نَفْسِي
تُطَاوِعُني إذًا لَقَطَعْتُ خَمْسِي

تَبَيَّنَ لي سفَاهُ الرَّأيِ مِنِّي
لَعَمْرُ أبِيكَ حِينَ كَسرتُ قَوْسِي


وقَالَ الفرزدق حين أبان النَّوَارَ زوجته وقصتُه مشهورة:

نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمَّا
غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَارُ

وَكَانَتْ جَنَّتي فَخَرَجْتُ مِنْها
كآدَمَ حِينَ لَجَّ بِهِ الضِّرَارُ

وَلَوْ ضَنَّتْ بِهاَ نَفْسِي وَكَفِّي
لكَانَ عَلَيَّ لَلْقَدَرِ اخْتِيَارُ