الموضوع
:
راحة/ قصة: محمد المخزنجي
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
0
المشاهدات
1561
حسام عبدالباسط
من آل منابر ثقافية
المشاركات
83
+
التقييم
0.06
تاريخ التسجيل
Dec 2020
الاقامة
رقم العضوية
16431
03-27-2022, 12:15 PM
المشاركة
1
03-27-2022, 12:15 PM
المشاركة
1
Tweet
راحة/ قصة: محمد المخزنجي
خلعت فردة قفازي اليمنى ورحت أخدش الجليد على الزجاج, وراحت هي تنظر إلى ما أفعل في هدوء.. كانت في صف المقاعد المنفردة وكنت واقفًا إلى جوارها, صدفة, خائفًا أن تفوتني المحطة, والترولي يمضي ويتوقف دون أن أتبين أي ملمح للدنيا في الخارج.
كان ركام الأنفاس المتجمدة على زجاج النوافذ يحجب كل رؤية.. طبقة كثيفة من الجليد صنعتها درجة العشرين تحت الصفر, رحت أحاول خمشها بأظافري لأتبين ملامح المحطات في الخارج.. بدأت بأصبع ثم اثنتين ثم بلهفة رحت أخمش الجليد بأظافر يدي الخمسة. وبدا الشارع من الخارج شرطًا ممزقة من الألوان التي تمرق.
كنت غريبًا وحائرًا في اللحظة التي تطلعت إليّ فيها بعينيها الجميلتين الواسعتين. لعلها ابتسمت خفيفًا, لعلها كانت تكتم ضحكها من معركتي مع الجليد, تأسى, أو تشفق.. لكنها على أية حال ساقتني بنظرة عينيها إلى نافذة الجليد المخدوش من جديد..
رفعت يدها العارية الصغيرة, الناعمة, والوردية, وبسطت راحتها على الزجاج المتجلد. وكنت أنتظر أن تخربش من أجلي, كما بدا لي من الوهلة الأولى.. لكنها لم تفعل..
بضع ثوانٍ ثم رفعت يدها عن الزجاج وهي تبتسم, ابتسامتها الخفيفة تلك. وأدهشني أن أرى طبعة راحتها وسط الجليد على الزجاج.. نافذة صغيرة رائقة الشفافية, لم أر خلالها ملامح المحطات فقط, بل أمكنني التطلع عبرها إلى التلال البعيدة المغطاة بالثلوج, والأشجار العارية القائمة عند الأفق, والطيور المحلقة فوق ذؤابات الأشجار.
رد مع الإقتباس