عرض مشاركة واحدة
قديم 03-24-2022, 07:41 AM
المشاركة 6884
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
3046

.... كيْفَ أُعَاوِدُكَ وَهَذَا أَثَرُ فَأَسِكَ ....

أصلُ هذا المثل على ما حَكَتْه العرب على لسان الحية أن
أخوين كانا في إبل لهما فأجْدَبَتْ بلادهما، وكان بالقرب
منهما وادٍ خَصيبٌ وفيه حية تَحْمِيه من كل أحد، فَقَال
أحدهما للآخر‏:‏ يا فلان، لو أني أتيتُ هذا الوادي المُكْلِئ،
فَرَعَيْتُ فيه إبلي وأصلحتها، فَقَال له أخوه‏:‏ إني أخاف
عليك الحية، ألا ترى أن أحدًا لا يهبط ذلك الوادى إلا
أهلكته، قَال‏:‏ فوالله لأفعَلَنَّ، فهبط الوادى ورعى به إبله
زمانًا، ثم إن الحية نَهَشَتْه فقتلته، فَقَال أخوه‏:‏ والله ما في
الحياة بعد أخي خير، فلأطلبَنَّ الحية ولأقتلنها أو لأتبعنَّ
أخي، فهبط ذلك الوادي وطلب ‏الحية ليقتلها، فَقَالت
الحية له‏:‏ ألستَ تَرَى أنِّي قتلت أخاك‏؟‏ فهل لك في الصلح
فأدَعَكَ بهذا الوادي تكون فيه وأعْطِيك كل يوم دينارًا ما بقيت‏؟
قال أو فاعلة أنت‏؟‏ قَالت‏:‏ نعم، قَال‏:‏ إني أفعل، فحلف لها
وأعطاها المواثيقَ لا يضرها، وجعلت تُعْطِيه كلَّ يوم دينارًا، فكثر
مالُه حتى صار من أحسن الناس حالًا، ثم إنه تَذَكَّر أخاه فَقَال:
كيف ينفعني العيشُ وأنا أنظر إلى قاتل أخي‏؟‏ فعَمِدَ إلى فأسٍ
فأخذها ثم قَعَدَ لها فمَرَّتْ به فتبعها فضربها فأخطأها ودخلت
الجُحْرَ، ووقعت الفأس بالجبل فوقَ جُحْرها فأثرت فيه، فلما رأت
ما فَعَلَ قطعت عنه الدينار، فخاف الرجل شَرَّها وندم، فَقَال لها:
هل لك في أن نَتَوَاثقَ ونَعُودَ إلى ما كنا عليه‏؟‏ فَقَالت‏:‏ كيف أعاودك
وهذا أثَرُ فأسِك؟
يضرب لمن لا يَفِي بالعهد.
وهذا من مشاهير أمثال العرب، قَال نابغة بن ذبيان:

وإنِّي لألقَى من ذَوي الغَيِّ مِنْهُمُ
وما أصْبَحَتْ تَشْكُو مِنَ الشَّجْوِ سَاهِرَهْ

كما لَقِيَتْ ذاتُ الصَّفَا مِنْ حَلِيفَهَا
وكانَتْ تُرِيهِ المَالَ غِبًّا وَظَاهِرَهْ

فَلَمَّا رأى أنْ ثَمَّرَ اللهُ مَالَهُ
وَأثَّلَ مَوْجُودًا وَسَدَّ مَفَاقِرَهْ

أكبَّ عَلَى فأسٍ يُحِدُّ غُرَابَهَا
مُذَكَّرَةٍ مِنَ المَعاوِلِ بَاتِرَه

فَقَامَ لَهَا مَنْ فَوْقَ جُحْرٍ مُشَيَّدٍ
لِيَقْتُلَهَا أوْ يُخْطِئَ الكَفُّ بَادِرَهْ

فَلَمَّا وَقَاهَا الله ضَرْبَةَ فأسِهِ
وَلِلشَّرِّ عَيْنٌ لا تُغَمِّضُ نَاظِرَهْ

فَقَال‏:‏ تَعَالَيْ نَجْعَلِ اللهَ بَيْنَنَا
عَلَى مَالَنَا أوْ تُنْجِزِي ليَ آخِرَهُ

فَقَالت‏:‏ يَمِينُ الله أفعَلُ؛ إننِي
رَأَيْتُكَ مَشْؤومًا يمينُكَ فَاجِرَهْ

أبَى لي قبر لا يزال مُقَابِلِي
وَضَرْبَةُ فأسٍ فَوْقَ رَأسِيَ فَاقِرَهْ