عرض مشاركة واحدة
قديم 10-10-2010, 10:00 AM
المشاركة 18
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفى الساعة الواحدة من صباح يوم السابع من أكتوبر كانت وحدات من الصاعقة قد أتمت إحدى أروع مهماتها بتفجير آبار البترول في أبي زنيمة ورأس سدر وفيران وقامت وحدات أخرى من الصاعقة بمهاجمة الساحل الشرقي لخليج السويس وأقامت به كمائن على الطرق وأنزلت به خسائر جسيمة
وقبل بزوغ الفجر كانت القوات العابرة بلغت قوة خمس فرق كاملة وعززت عمق الكباري المنشأة إلى عمق خمسة كيلومترات كاملة مع عبور أعداد هائلة من المدفعية والمدرعات والأسلحة الثقيلة ,
وقبل أن تبلغ الساعة الثامنة من صباح يوم السابع من أكتوبر كانت القوات الإسرائيلية في ممر متلا تبلغ قيادتها أنها وقعت فعليا تحت حصار الدبابات المصرية ,
ثم جاء إبتكار آخر من ابتكارات العسكرية المصرية يتمثل في سرايا صغيرة العدد من مفارز البرمائية من السرايا الميكانيكية لتبث الذعر في المواقع الصغيرة للعدو ,
ثم اندفعت سريتان منهما بجرأة مذهلة إلى قطاع ممر متلا الذى يعتبر واحد من أقوى حصون العدو فيما بعد خط بارليف فأسقطت قوات العدو به وتابعت السريتان تحركهما دون الدخول في معارك طويلة معتمدة على ما يشبه حرب العصابات لتتابع هجومها في اتجاه مضيق الجدى الذى لا يقل تحصينا عن ممر متلا لتباغت العدو هناك وتنزل به خسائر مماثلة ثم ختمت السريتان أعمالهما بالوصول إلى مطار تمادا ونجحت في تحييد المطار تماما لدرجة أثارت جنون القيادة الإسرائيلية وهم يواجهون قوة صغيرة العدد تضرب من حيث لا يعرفون وتوجهت أسراب من طائرات الفانتوم تحاول أن تحدد موضع هاتين السريتين اللتين بلغتا عمق ثمانين كيلومترا في سيناء وفى قلب تحصينات العدو دون أية مساندة وتمكنت من بث كل هذا الرعب دون أن تتمكن المدرعات والقوات الإسرائيلية من تحديد مواقعهما !!
ولم تنجح القوات الإسرائيلية من إدراك هذه القوة بل قامت السريتان بالعودة سالمتين إلى خطوط القتال الرئيسية بعد أن أتمت مهامها الإنتحارية بفعالية مدهشة وفى طريق عودتها لم تنس أن تترك تذكارا للعدو يرهق أعصابه أكثر حيث قامت بتدمير موقع للرادار وعبرت على أنقاضه !

وكانت النتائج المباشرة لهذه العمليات الفدائية أن وصلت قيادة العدو في سيناء إلى أعلى درجات الإنهيار وظنوا أن القوات المصرية تخطط لاستمرار الهجوم حتى تصل إلى خط حدود سيناء وتتابع إلى الحدود الإسرائيلية بعد ذلك ,
وهو ما لم يكن واردا في الخطة بدر تحت أى مقياس إذ أنه يتجاوز إمكانيات القوات المسلحة في ذلك الوقت من ناحية الكم والكيف , ولكن هذا الشعور ملأ أعماق الجنرال شموئيل جونين قائد جبهة سيناء وقام بمطالبة الجنرال ديان وزير الدفاع بالتصديق على خطة الإنسحاب إلى خط الممرات ومحاولة التمسك بها ,
واتجه ديان مباشرة إلى مكتب جولدا مائير لبحث خطة إنقاذ الدولة وأرسلت جولدا مائير في استدعاء القيادات العسكرية لاجتماع منفرد وعارض الجنرال إليعازر فكرة ديان بالإنسحاب وأصر على محاولة الرد بهجوم مضاد بالمدرعات هو الأكبر في نطاقه لمحاولة التماسك أمام القوات المصرية المتقدمة ,
وبسبب هذا الهجوم المضاد لعن جنود إسرائيل وقادتها الجنرال دافيد إليعازر الذى أصر على عدم الإنسحاب بعد أن قامت القوات الإسرائيلية بالهجوم المضاد كما خططوا له في يوم الإثنين الثامن من أكتوبر ليفشل الهجوم فشلا ذريعا حتى أطلقوا عليه في إسرائيل اسم الإثنين الأسود ,
خسرت فيه إسرائيل أكثر من 250 دبابة دفعة واحدة وفى يوم واحد , !!
بخلاف عدد مماثل من الدبابات خسرته إسرائيل في اليومين السابقين بخلاف الخسائر البشرية الهائلة والتى تميزت بالنوعية العالية بعد أن تم أسر الكولونيل ( العميد ) عساف ياجورى قائد أحد أشهر الألوية المدرعة والذي تم تدمير لوائه بالكامل بما فيه دبابة القيادة التي قفز منها عساف ياجورى مستسلما أمام ضابط مدرعات مصري برتبة نقيب !
وعن هذا اليوم كتب عساف ياجورى بعد استبداله بالأسري في صحيفة معاريف الصادرة في 7 / 2 / 1974 م قائلا :
( أريد أن أعرف لماذا تركوا صدرونا عارية في هذا اليوم على جبهة الفردان .. إن خيبة الأمل التي شعرت بها في هذا اليوم الأسود لن ينساها أحد ممن عاشوا وسط مرارته الكئيبة , وأنا لا أعرف لليوم حقيقة خسائرنا في هذا اليوم وأثناء فترة وقوعى في الأسر كنت أعيش على أمل أن بعض زملائي وجدوا طريقهم للنجاة بعد أن دمر المصريون هجومنا المضاد , ولكننى عندما وقعت عينى على عدد الأسري أذهلنى حجم الخسائر التي وقعت في صفوفنا ,
وزاد من حيرتى ما سمعته منهم ورحت أكرر عليهم السؤال كيف حدث هذا لجيشنا الذى لا يقهر صاحب اليد العليا والتجربة العريضة ) [1]
ومن أوجه الإعتبار فى واقعة عساف ياجورى التى رواها بنفسه على شاشات التليفزيون أو التى رواها جنود المدرعات المصريين الذين أسروه أن عساف ياجورى عقب استسلامه بكى من القهر فنهره أحد الجنود المصريين وقال له :
( لا تبك أمام جنودك ) [2]
فلابد أنه تذكر الفارق بين معاملة المصريين لأسراهم لا سيما الضباط , وبين معاملة الإسرائيليين لأسرانا في حرب يونيو والتى بلغت من الوحشية حدا يفوق الإحتمال في مجرد روايتها بالقلم أو اللسان
وهكذا فشل الهجوم المضاد الذى قامت به الفرق المدرعة للعدو بقيادة أنبغ جنرالاته شموئيل جونين وآريل شارون وإدمون آدان واليعازر الذين فقدوا أعصابهم بعد أن بقيت من ألوية المدرعات الإسرائيلية التي اشتركت في الهجوم أربع دبابات فقط , وتبادل القادة الإتهامات ـ على حد قول عساف ياجورى في مقاله ـ ثم خلصوا إلى حتمية إخفاء كل هذا لدرجة أنهم هددوا عساف ياجورى بعد عودته من الكلام ‍!

ونشرت جريدة هوعولام هازيه الإسرائيلية أن موشي ديان انهارت أعصابه في اليوم الثالث للقتال وجعلت منه الحرب مجرد رجل محطم , وهذا تعبير شهادة الجريدة الإسرائيلية بحق قائدهم الأعلى الذى وصفوه بالأسطورة ,
أما الجنرال حاييم بارليف فقد دخل في يوم الإثنين الأسود على جولدا مائير فوجدها منكسة الرأس على مكتبها فقال لها :
( جولدا .. لقد أخطأت في كل شيئ .. إننى أنتظر كارثة وسوف نضطر إلى الإنسحاب من الجولان حتى الحافة ومن سيناء حتى خط المضايق حيث نحارب حتى آخر طلقة ) [3]

وهكذا وفى الأيام الثلاث الأولى من القتال كانت قوات الجيشين الثانى والثالث الميدانيين قد أتما عبورهما بنجاح وتعمقا لمسافة 15 كيلومتر داخل سيناء وتمكنوا من صد جميع الهجمات المضادة التى تكبد فيها العدو خسائر قياسية مذهلة وفر هاربا من مواقعه تاركا عددا كبيرا من معداته ودباباته وأجهزة القيادة سليمة حيث لم يتمكن من تدميرها خلفه ,
فى نفس الوقت الذى استغلت فيه قواتنا الوقت لتأمين رءوس الكباري وتعميقها ثم توحيدها معا لتقع الأرض التى سيطرت عليها قواتنا تحت حبكة تامة وقدرة كاملة على الدفاع الثابت من مواقعها ,

فضلا على خسارة العدو الجزء الأكبر من قواته الجوية التى سقطت بفعل حائط الصواريخ ثم بالوحدات المتحركة للدفاع الجوى وخلال المعارك الجوية التى خسرها العدو جميعا أمام طائراتنا ,


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الكولونيل عساف ياجورى

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الأسير عساف ياجورى


أسرانـــــا
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


يتبع إن شاء الله




الهوامش :
[1]ـ حرب رمضان ـ مصدر سابق
[2]ـ حرب أكتوبر ( شهادات إسرائيلية ) ـ وجيه أبو ذكرى ـ مصدر سابق
[3]ـ حرب يوم الغفران ـ حاييم هرتزوج ـ وهى شهادة إسرائيلية من محلل إسرائيلي بارز