عرض مشاركة واحدة
قديم 10-10-2010, 09:59 AM
المشاركة 16
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ومن بطولات القوات الجوية إلى رجال المدفعية الذين كان دورهم التمهيد النيرانى ودك حصون خط بارليف ,
وفور تنفيذ الضربة الجوية انطلق ألفي مدفع من جميع العيارات فى أقوى تمهيد نيرانى فى تاريخ المعارك منذ الحرب العالمية

وعبرت قوات الموجة الأولى ومعها رجال توجيه المدفعية الذين خاطروا بحياتهم وقاموا بتصحيح ضرب المدفعية لتصيب سائر أهدافها فى إتقان مذهل استمر طيلة 54 دقيقة كاملة نجحت فى تغطية قوات العبور فضلا على نجاحها فى فتح وتنقية حقول الألغام وتدمير التحصينات والأسلاك الشائكة المحيطة بخط بارليف ,
وفى تمام الساعة السادسة من مساء أول أيام القتال
تلقي القائد العام للقوات المسلحة تمام المدفعية من اللواء محمد سعيد الماحى ـ الذى تولى المخابرات العامة فيما بعد ـ وكان هذا التمام يعنى أن سائر المدافع من جميع الأنواع من مدافع الميدان والهاون وكتائب الصواريخ التكتيكية ( أرض / أرض ) اتخذت مواقعها وتم توجيهها لأهدافها المختارة بعناية فى العمق وعلى خط المواجهة وأنها نفذت مهامها بنجاح تام ,

وبكثافة بلغت 175 دانة مدفع فى الثانية الواحدة بطول الجبهة على امتداد 180 كيلومتر
وكالعادة سجلت المدفعية سبقا وفتحا جديدا فى عالم الحروب عندما استخدمت المدفعية المصرية الصواريخ التكتيكية ( أرض / أرض ) استخداما جديدا أذهل الإسرائيليين عندما تم توجيهها لأهداف العمق فى قلب سيناء أصابت جميعا أهدافها ليفقد العدو سيطرته تماما على مواصلاته واتصالاته وانفصلت فعليا قوات العدو فى المواجهة عن الإحتياطى فى الخلف وعن قيادته التى عجزت عن مد يد العون إلى قوات خط بارليف لتتركهم لمصريهم المنتظر وسقوطهم فى أيدى المصريين !
وتفجرت فى الدقائق الأولى عشرة آلاف انفجار فى مواقع العدو تمت كلها فى مواقع حساسة فصلت خط المواجهة للعدو عن قيادته كما يروى العميد عبد الحليم أبو غزالة ــ قائد مدفعية الجيش الثانى والذى تولى وزارة الدفاع فيما بعد ـ أن المدفعية نجحت فى اختراق مواقع العدو على ثلاث نطاقات
الأول : الخط الأمامى فى مواجهة خط بارليف وقامت المدفعية بفتح جميع الثغرات المطلوبة فى الخط الحصين وتنقيته من الألغام لينفتح الطريق أمام قوات العبور لاقتحامه
الثانى : أما النطاق الثانى فقد توجهت المدفعية فيه إلى احتياطيات العدو ومدرعاته وبطاريات المدفعية وأسكتتها تماما
الثالث : وهو فى العمق حيث توجهت المدفعية إلى مراكز السيطرة بتوجيه مباشر من قائد سلاح المدفعية وقوات الإستطلاع والتوجيه التى تم إسقاطها قبل بدء القتال خلف خطوط العدو

وتحت هذا الحاجز الكثيف من النيران تمت تغطية قوات العبور التى تلاحمت قواربها مع شاطئ القناة بعد طول انتظار لست سنوات كى تتحقق هذه اللحظة ,
وارتسمت أروع المشاهد فى لوحة العبور بعد أن ارتقي ثمانية آلاف مقاتل قواربهم المطاطية لتشق سطح القناة فى صحبة الوحدات البرمائية ,
وهنا حققت قوات المشاة الملقبة بسادة المعارك أبدع لوحات الفداء عندما نفذ القادة المصريون قاعدة قيادة الجنود من موقع القتال تنفيذا للمبدأ العسكري لمفهوم القائد ,
فالقائد ليس هو الذى يقول لجنوده تقدموا , بل هو الذى يقول اتبعونى ,
فالقادة الأصاغر للوحدات المقاتلة عبروا جنبا إلى جنب مع جنودهم ومع تتابع موجات العبور التى وصلت فى مساء نفس اليوم إلى خمس فرق بقوة ثمانين ألف جندى عبرت كافة القيادات العسكرية حتى رتبة اللواء ,
وهذه المعادلة السحرية هى التى السبب فى تحقيق رقم قياسي جديد وهو نسبة خسائر الضباط إلى نسبة خسائر الجنود حيث بلغت أعلى نسبة مسجلة عسكريا لتؤكد على أسلوب القيادات المصرية المبتكر وهو تذويب الفوارق بين القواد والجنود فى المهام وفى المميزات مما كان له مفعول السحر على الروح المعنوية للجنود وهم يشاهدون قوادهم من مختلف الرتب العليا تتقدمهم على خطوط النار , تماما كما شاهدوهم معهم على طاولات الغذاء أثناء التدريبات يأكلون من طبق واحد !
وهذه السياسة الحكيمة الفدائية هى التى اتبعتها القيادة المصرية فى مرحلة الإعداد بعد حرب 67 م ,
وكان أول من بدأها رئيس الأركان الأسطورى الفريق عبد المنعم رياض الذى استشهد من مواقع الجبهة الأمامية فى حرب الإستنزاف وهو يشارك جنوده قتالهم بعد بدء ضربات المدفعية ورفض مغادرة موقعه واتخذ مكانه فى إحدى حفر الموقع المصري الذى لا يبعد أكثر من مائتى متر من مواقع العدو ,
ثم سقطت دانة مدفع فى الحفرة المتواجد بها لينال الشهادة بإذن الله ,