عرض مشاركة واحدة
قديم 10-10-2010, 09:56 AM
المشاركة 13
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وعلى ذكر المخابرات الإسرائيلية التى تميزت بالإمكانيات الخرافية هى وشقيقتها الأمريكية قررت لجنة التحقيق فى أسباب التقصير التى شكلتها الحكومة الإسرائيلية ورأسها القاضي شيمون أجرانات وعُرفت باسمه :
( إن المخابرات الإسرائيلية العامة والحربية قصرت تقصيرا فادحا كانت من نتائجه تهديد وجود الدولة اليهودية )
وهذه اللجنة هى التى أوصت بتقاعد كافة القيادات العسكرية والأمنية وعلى رأسهم إيلي زاعيرا مدير المخابرات الحربية [1]
وعن حقيقة قبول إسرائيل لوقف إطلاق النار قالت النيوز ويك في عددها الصادر 29 أكتوبر عام 1973 م :
( إن الدافع الحقيقي لإسرائيل في وقف قبول إطلاق النار كانت خسائرها المروعة في المعدات والأفراد )
وعن الأرباح والخسائر في الجولة الرابعة من الصراع العربي الإسرائيلي أذاعت وكالة it يوم 11 نوفمبر نقلا عن المصادر العسكرية الأمريكية تصريحاتهم ..
( إن ميزان القوى الإستراتيجى في الشرق الأوسط قد تغير بعد حرب أكتوبر لصالح العرب ) [2]

أما أعظم الشهادات التى سطرتها أقلام العدو وتصريحاته فتكمن فى مصدرين لهما من الأهمية أقصاها ,
الشهادة الأولى : وهى تقرير لجنة التحقيق الإسرائيلية برياسة رئيس المحكمة العليا فى إسرائيل شيمون أجرانات والتى عُرفت باسم ( لجنة أجرانات ) والتى تولت التحقيق مع القيادات السياسية والعسكرية وأودعت توصياتها فى تقرير مطول تم نشره فى كتاب كامل بعنوان ( المحدال ) أى ( التقصير ) ونصوص الكتاب كلها تحمل أروع وأصدق شهادة بحجم المفاجأة المذهلة التى حققتها حرب أكتوبر على المستوى التكتيكى والتعبوى معا لأول مرة فى التاريخ , فضلا على احتواء التحقيق على عدد من الحقائق المذهلة التى كشفت انهيار أعصاب القادة العسكريين والجنود أمام فعاليات القتال وأداء الجيش المصري رغم التفوق التكنولوجى والإمدادات العسكرية الأمريكية التى لم تنقطع طوال أيام القتال
ومن فكاهيات هذا التقرير شهادات بعض القادة أنهم فوجئوا بانتحارية الجنود المصريين على خطوط القتال بشكل أكد لهم أنها انتحارية غير طبيعية وحتما خلفها معالجة غير طبيعية !!
الشهادة الثانية : وتكمن فى تقرير لجنة تقصي الحقائق فى الكونجرس الأمريكى والتى تعادل أهمية تقرير لجنة أجرانات واحتوت تقارير لجنة التحقيق على البنود التالية [3] :
* إن اقتحام وسقوط خط بارليف عمل عسكري لا يقل في أهميته عن سقوط خط ماجينو الفرنسي أمام الجيش الألمانى في الحرب العالمية الثانية
( وهنا لابد لنا من ملحوظة هامة حيث أن خط بارليف كان يتفوق في تحصيناته مائة مرة أكبر من خط ماجينو , وليس هذا فقط بل إن خط ماجينو لم يسقط في يد الألمان بالهجوم المباشر كما هو الحال مع خط بارليف بل سقط بالتفاف الألمان من حوله ومهاجمته من الخلف )
* أن التخطيط المصري للمعارك كان على كفاءة عالية وقد تمكن من تجاوز أسباب التفوق الإسرائيلية في الطيران باستخدام صواريخ سام 6 الدفاعية للارتفاعات العالية وستريلا للارتفاعات المنخفضة , كما تفوق على المدرعات بحل مبتكر وهو استخدام صواريخ مولوتكا المضادة للدبابات بكثافة , كما تفوقت في التعبئة العامة بتحقيق عنصر المفاجأة وبالتخطيط للحرب على جبهتين في توقيت واحد
* إن مصر لم تكن تمتلك أسلحة متقدمة سببت باستعمالها مفاجأة بل كانت المفاجأة في طريقة استخدام هذه الأسلحة فاستطاعت أن تجد وسيلة مبتكرة في استخدام الإمكانيات التي تحت يدها فاستخدمت عامل انتشار الأسلحة بصورة مذهلة ـ أى في الكميات التي وصفتها اللجنة بأنها غير مسبوقة ـ فأمام الطائرات كانت هناك آلاف مؤلفة من صواريخ ستريلا وأمام الدبابات كانت هناك آلاف من صواريخ مولوتكا
وقد لاحظ الكونجرس الأمريكى ملاحظة هامة وذكية وهى أن استخدام الأسلحة بهذه الكثافة والإنتشار لم يكن مكلفا فوق الطاقة بالنسبة لمصر , فالصاروخ السوفيتى المضاد للدبابات كان ثمنه ألف دولار بينما الصاروخ الأمريكى ـ الذى تستخدمه إسرائيل لتأدية نفس الوظيفة ـ كان يبلغ ثمنه عشرة آلاف دولار !
* ومع ذلك لم يكن التفوق كميا فحسب بل كان لدى المصريين تفوق في الكيف لا شك فيه ومن نماذجه أن صواريخ سام 6 المتطورة حصلت عليها مصر بينما لم تحصل عليها فيتنام , والدبابة المتقدمة ( ت 62 ) لم تكن قد حصلت عليها قوات حلف وارسو عندما دخلت الخدمة في القوات المصرية
* كان التنفيذ المصري للتخطيط المحكم أكثر إحكاما , حيث أشارت اللجنة إلى أن التفوق في السلاح استخداما ونوعا صاحبه تقدم مدهش في الأداء وكفاءة التدريب ,
وهذه الحقيقة كشفت عنها العمليات العسكرية التي أدهشت قادة الجيش المصري أنفسهم فقال المشير أحمد إسماعيل أن أداء الجنود والضباط كان فوق مستوى التخيل وبدا كما لو أنهم يقومون بتدريب عملى لا أنهم بصدد عمليات حقيقية ,
وهو ما تم فعلا فالخسائر التي كانت متوقعة في ضربة الطيران كانت تزيد على 20 % ولو اقتصرت نسبة الخسائر على هذا فالضربة الجوية تعتبر فائقة النجاح ,
لكن الخسائر الواقعية لم تتعد 2% من قوة الطائرات المهاجمة !
وكانت الخسائر المتوقعة المحتملة في قوات العبور تقدر بالآلاف فإذا بها تنجح بخسائر لم تتجاوز 158 فردا !!
والمفارقة العظيمة بالفعل أن هذه الخسائر كانت بالفعل أقل من معدلات الخسائر التي كانت تتحقق في أثناء التدريبات !


الهوامش :
[1]ـ حرب يوم الغفران ( مذكرات إيلي زاعيرا ) ـ ترجمة توحيد مجدى ـ المكتبة الثقافية ببيروت
[2]ـ حرب رمضان ـ مصدر سابق
[3]ـ حرب أكتوبر ( السلاح والسياسة ) ـ محمد حسنين هيكل ـ مركز الأهرام للترجمة والنشر