لا زال ذلك الموقف راسخاً في ذهني ،
وإن كان تقادم عهده ليكون في ذاكرة التأريخ !
وأنا :
ما زلت في المرحلة الثانوية ، وكانت " أختي العزيزة " تنسج تلك الخواطر الجميلة ،
بتلك الحروف البهية الصادقة ، حينها كنت ذلك "القاصم" و" الكاسر" لذاك القلم الذي أتبعه الألم
، بعدما فصلتُ بذاك الروح عن الجسد ،
وقطعتُ :
ذلك الشريان الذي كان يُغذي الروح، وفيه ، وبه تنتشي السعادة ،
وتفضي به الذي خامر العقل والقلب ،
وبه تطرد اليأس وتستجلب به جميل لأمل ،
ومردُّ ذلك :
تلك العقول التي كانت تُسقى بزعاف " الشك ! "
بأن ما يُخط عن الحب ، والشوق ما هو إلا واقع حال ، يعيشه مُبديه ،
ليدفع عن نفسه ، الكلل والوهن، وكل ما يُشجيه !
حينها :
أجبرتها أن تترك الخواطر ، وأن تكتفي ما في البيت من عمل !
وبعد تعاقب الايام ، كنت أسير مع أحد الأصدقاء ، وهو يكبرني بسنوات ،
وكان من طلبة جامعة السلطان ،
حينها :
استرسلنا في الحديث _ وكأن ذاك الصديق إليّ قد سِيق _
فقال :
ما نعانيه تلك العزلة ، وذاك الحائط ، وتلك الحواجز ،
التي نُشيدها بيننا ، وبين أخواتنا ،
بحيث :
لا نفتح معهن حديث ، ولا نكون لهن صديق ،
ونعرف ما الذي تُريد ،
هي أختنا ولكن " من بعيد " !
هو :
يُكلمني، وأنا في "وادٍ سحيق "
تمر علي معاملتي مع أختي الوحيدة ،
وذاك :
التهميش
و
التغاضي
و
التعنيف !
حينها استفقت من "غفلتي "
وجمعت جأشي ، ورجعت لبيتي ،
وناديت أختي ،
فحينها بسط لها الحديث ،
فوالله :
وكأني أفلتها من عقالها ، فاسترسلت في الحديث ،
وفاض من لسانها ما حُبس في قلبها ،
وكأنها في خلق جديد !
من يومها اقتطعت لها من وقتي ،
أرقبها
فعندما كانت "تَخبِز" أقّرب الكرسي منها لنبدأ ذاك الحديث ،
أخبرتني :
عن أمنياتها
عن
أحلامها
عن
الذي يحرق قلبها ،
وعن :
الماضي
و
الحاضر
و
المستقبل البعيد .
ف " كنت لها صديق " .
حينها :
طلبتُ منها أن تُعاود كتابة الخواطر من جديد ،
_ بعدما طردت ذاك الجهل والفكر المقيت _
فردّت :
عليّ مبتسمة ، وقد أعتلى ابتسامتها يأس عميق !
فقالت :
" لقد جف حبر قلمي ، والله يفعل ما يُريد " .
" أترك قصتي هذه ، لتكون من نقاط النقاش والبحث ،
ففيها معنى دفين " .