عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-2022, 07:53 AM
المشاركة 6
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: ومضات على كتاب " بيكاسو وستار بكس "
لماذا نذهب الى الحج ؟!

الكاتب :
يجوب بخياله وحدسه متصفحاً وجوه الركاب
وقد صنفهم وقسمهم لقسمين ،

وإن :
كُنت أتساءل في أمر ذاك التقسيم على ماذا بناه ؟!
إذا ما نظرنا إلى رحابة الخيار لدى المسافر لرحلة الحج تلك !
حيث بالامكان تأخير الرحلة لوقت ما يريد ،
ليكون الاستعداد النفسي الذي يجعله سعيد ،
إذ هو بنفسه لفكرة الحج على عقله يُعيد !

فغالباً :
تكون الرغبة هي المحركة لتحويل القول _ بعدما كانت نية الحج في القلب _
لتنفيذ وفعل وعمل ، من هنا نحتاج لتدقيق في المعنى
الذي يعنيه بقوله ذاك وعن ذلك التقسيم ،

ذكُره :
لتلكم الجلبة والربكة التي طغت على مشهد الركاب ،
أرى وجودها لو _ سلمنا بوجودها _ لعلها تتصل بمن كان :

مرافقاً لأمه ،
أو أبيه ،
أو أحد من أهله ،

بذلك :
قد يتسلل إلى فكره وقلبه ذلك الاحساس ،
لكونه مجبر على فعله وهو لم يكن مستعدا لذاك !

يطوف :
بنا الكاتب واصفاً لنا تلك الفيوضات من المشاعر ،
وتلك الأمنيات التي يطلقها ضيوف الرحمن ، ويأملون أن تكون واقعاً يتنفسون حقيقته ،
ذاك الشوق الذي يسبق من أخلص النية وعزم ،
على تبديل حاله واحواله للأحسن حال ،


الذي:
يتقرب به من الله ، لتكون الطمأنينة والسكينة هي المحولة
والمبدلة لذلك الواقع الذي يعيش مرارته ،

ففي تلك المرابع تذوب الحزازات وتضمحل الفروقات :
الطبقية
الطائفية
المذهبية
الحزبية
العرقية

لتتوحد الأرواح مع الأجساد ،
بحيث لا يكون هنالك ما يُفرق وحدتهم
،

وقفوا على صعيد واحد يلهجون بالدعاء لرب واحد ،
ف" ليت ما يجمعنا هناك يجمعنا هنا " !
ومن خلال هذه الأمنية أبُث هذا السؤال :
ما الذي جّمعهم هناك ، وبدد بينهم الخلاف هنا ؟!

" ليكون الجواب موضع تفكر ، ومن ذاك نبحث عن العلاج بتبصر " .

تفكُر وسؤال الكاتب عن أولئك الصغار وجدوى ذهابهم إلى هناك
ولم يخط ولم يجري عليهم بعد قلم الحساب
؟!

"جوابه كان في السياق فتلك الحاجة التي ساقتهم لذاك القرار " !

فهنيئاً :
لم كان فكره يجوب به آفاق الكون يستنبط من المُشاهد ، ليغوص في الغيب ،
عن تلك اللطائف ، والمنن من المولى ، يتأمل ليستقر الإيمان في سرادق الظمآن .

وكيف يكون عظيم مخلوقاته ؟
وكيف هو لطفه ورحمته على قدرته وعظيم عذابه ،

ومع هذا سبقت رحمته غضبه ،
واسدل على عباده الستر ،
وأمهلهم ،

وأرشدهم وحثهم على القرب
والفرار منه إليه لينالهم أنسه وعذب جنابه
.


عند الطواف :
تمنيت أن يترك الكاتب مسافة أمان كحسن الظن والتماس العذر لذلك الانسان ،
فهناك من يخشى العودة لسالف عهده من العصيان إذا ما لامست قدمه ثرى الأوطان ، فالتيار جارف ، وبحر الفتن عميق والزاد قليل ،

الناس في ذلك منقسمون :
_ فهناك من جعل الأمل والسعي لتصحيح المسار باباً يسأل المولى
أن يفتحه له ويتجاوز عتبته في سلام ليكون به راحة البال .

ومنهم :
من يخشى على نفسه الوقوع في براثن ما كان عليه فيما مضى من أعوام ، ليعيد ذات الشريط ولذاك السيناريو ليعيش به الدور ،
وبذاك يمضي بقية الحياة .

" من هنا كان لزوم حسن الظن بالعباد واجب الإتيان " .

في ذلك الزحام وتدافع الأجساد :
من كان مستحضراً ذاك المقام ما ضره تدافع الأنام ، ولا ذاك الزحام ، لأنه في ملكوت الله يسبح ،وفي حضرة القدس يأنس ،
غاب عن أشباح الأشياء لا يرى غير وقوفه بين يد ِرب الأرباب ،
يناجيه ،
يسأله من عطاياه ،
  • يسترحمه
،
يعتذر إليه من ذنب سُطر في صفحته ،
يعاهده بتوبة نصوح راجياً أن يُنسي بذاك الحفظة الكرام
ما عليه قد أحصوه وخطوه في غابر الأزمان ،

وأن لا يبقي عليه شاهد من :
إنس
أو
جان ،

أو
حجر
أو
وحيوان
، و
نبات
و
" الجوارح تأتي مع جملة ذاك " .

في ذلك المقام :
يَنفُض ويُقيل الإنسان ما تكدس من هموم وأحزان ،
لطالما أثقلت كاهل ذلك الإنسان ،

فهو في رحاب ضيافة الرحمن " وحُق للمزور من إكرام زائره "
فضلٌ من الرحمن لا إكراها وإلزام على خالق ذاك الإنسان .

" وما على الإنسان غير الدعاء والجزم واليقين بأن الإجابة حاضرة الآن ،
وما يُرجيها غير حكمة أودعها الرحمن ككنز مخبوء لذلك الإنسان
" .

في تلك المحافل والمشاعل :
تغور الماديات التي لطالما جثمت على صدر الأرواح ،
والتي كانت سبباً لبعد الإنسان عن خالقه ، الذي أوجده وآواه ،
لتعانق بذلك الروح الجسد ، وتحس بوجودها لأول مرة بعدما أشقاها ذاك الغياب !


وما ختام قول الكاتب الهمام :
" يرحلُ هؤلاء إلى مكّة ليتوبوا عما مضى ، أما أنا ، فرحلتُ لأتوب عمّا هو آت"

فلعل القصد منه :
" هي تلك الخشية من الوقوع في الآثام بعد هذه الحياة التي عاشها في تلكم الرحاب ، من هنا كان
لزاماً أن يستشرق الإنسان المستقبل على أنه سيكون أفضل بعد أن سأل المولى منه :

العون
و
الحفظ
و
والرشاد
و
السداد .