الموضوع
:
مملكتي الحبيبة ~
عرض مشاركة واحدة
10-08-2010, 06:40 AM
المشاركة
733
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7870
المشاركات:
17,197
وقال أيضاً:
كأن لم يكن بالغيل أو بطن أيكة أو الجزع من تول الاشاءة حاضر
وتبعد قرية الغيل عن مدينة ليلى التي هي قاعدة الافلاج حالياً بنحو 25 كيلو متراً باتجاه الشمال الغربي والذي يظهر لنا أنه ما اطلق عليها هذا الاسم إلا تخليداً لليلى العامرية وهي (ليلى) وتبعد عن الرياض جنوباً 300 كيلو متر تقريباً, كما سمي النادي الرياضي والثقافي بالافلاج باسم نادي التوباد لما اشتهر به جبل التوباد من حب عفيف وعذري. وينتمي الشاعر قيس بن الملوح إلى العصر الأموي وقد عاش في زمن مروان بن الحكم الذي توفي في حدود عام 65هـ. ولابد أن أوضح أنه على الرغم بما تحتضنه الأفلاج من الآثار والمعالم إلا أنها لم تحظ بالاهتمام من ذوي العابثين من الزائرين مما توضحه الصور والكتابات الموجودة داخل الغار بمختلف اللغات بما فيها الهندية, فلماذا لا تخط هذه المعالم والآثار بالاهتمام, والتي هي جزء من تاريخنا وحضارتنا التي نفخر بها منذ عصور. هذا ويقال: إن قيساً وليلى وهما أبناء عم من قبيلة بني جعدة تعارفا وهما صبيان حينما كانا يذهبان لرعي إبلهم وماشيتهم عند جبل التوباد. ثم ظلا كذلك حتى نمت عواطفهما الطاهرة البريئة وترعرعت وهذا ما دل عليه قيس في شعره حين قال:
تعلقت ليل وهي غرٌّ صغيرةٌ ولم يبد للأتراب من ثديها حجم صغيرين ترعى البهم يا ليت أننا إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
فأجابته ليلى باكية لما سمعت شعره:
كلانا مطهر للناس بغضاً وكل عند صاحبه مكين تخبرنا العيون بما أردنا وفي القلبين ثم هوى دفين
فلما سمع مقالتها خر مغشياً عليه, فلما أفاق قال:
صريع من الحب المبرح والهوى وأي فتى من علة الحب يسلم
ففطن جلساؤه عند ذلك, فأخبروا أباها, فحجبوها عنه وعن سائر الناس وقدموه إلى السلطان فأهدر السلطان دمه ان هو زارها. فلما حجبت عنه أنشأ يقول:
ألا حجبت عنه ليلى والى أميرها عليّ يمنياً جاهلاً لا ازورها وأوعدني فيها رجال أبوهم أبي وأبوها خثنت لي صدورها على غير شيء غير أني أحبها وإن فؤادي عند ليلى أسيرها وإني إذا حنّت إلى الالف إلفها همّا بفؤادي حيث حنت سحورها
ولما عرف عنه بين القبائل حبه لابنة عمه وولهه بها قام أبوه واخوته وبنو عمه وأهل بيته فأتوا أبا ليلى وسألوه بالرحم والقرابة والحق العظيم ان يزوجها منه, وأخبروه أنه ابتلي بها, فأبى أبو ليلى ولج وحلف, فأخرجه أبوه إلى مكة كي يدعو الله في بيته الحرام ان يعافيه مما ابتلي فيه, فلما قدما مكة قال له أبوه: يا قيس تعلق باستار الكعبة, ففعل, فقال: قل اللهم ارحني من ليلى وحبها, فقال قيس: اللهم منّ عليّ بليلى وقربها, فضربه أبوه, فانشأ يقول:
* دعا المحرمون الله يستغفرونه
* بمكة شعثاً كي تمحى ذنوبها
* وناديت يا رحمن أول سؤلتي
* لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها
* وإن أعط ليلى في حياتي لم يتب
* إلى الله عبد توبة لا أتوبها
فأخذ أبوه بيده إلى محفل من الناس, فسألهم ان يدعوا الله له بالفرج, فلما أخذ الناس في الدعاء انشأ يقول:
ذكرتك والحجيج لهم ضجيج بمكة والقلوب لها وجيب اتوب إليك يا رحمن مما عملت فقد تظاهرت الذنوب فأما من هدى ليلى وتركي زيارتها فإني لا أتوب وكيف وعندها قلبي رهين أتوب إليك منها أو انيب
ومرض الشاعر العاشق مرضاً كبيراً وازدادت علته وتعسر علاجه, وأعيا الأطباء دواؤه.. ولم ينجح فيه الدواء وصار إلى اسوأ حال من توحشه في الصحاري, فشق ذلك على ليلى وأذهلها فدعت بغلام وكتبت اليه: بسم الله الرحمن الرحيم - والله يا ابن عمي ان الذي بي أضعاف ما بقلبك ولكن وجدت السترة ابقى للمودة وأحمد في العاقبة
فلو أن ما ألقى وما بي من الهوى بأرعن ركناه صفاً وحديد تقطع من وجد وذاب حديده وأمسى تراه العين وهو عميد ثلاثون يوماً كل يوم وليلة أموت وأحيا إن ذا لشديد
فأجابها قيس عن كتابها بعدة أبيات منها:
وجدت الحب نيراناً تلظى قلوب العاشقين لها وقود فلو كانت إذا احترقت تفانت ولكن كلما احترقت تعود كأهل النار إذا نضجت جلودٌ أعيدت للشقاء لهم جلود
وبينما هو في أودية مصلة وهو حزين كئيب إذ مر به فارسان فنعيا إليه ليلى وقالا: مضت لسبيلها فخر قيس مغشياً عليه, فلما أفاق مضى حتى دخل الحي بعدما لم يكن يمر به إلا من بعيد, فأتى أهل بيتها فعزاهم, فعزوه فقال: دلوني على قبرها, فلما عرفه رمى بنفسه على القبر والتزمه, وأخذ يقول فيها القصائد والأشعار وأصبح قيس هائماً في الصحراء لا يرجع إليه عقله إلا بذكر ليلى ورثائها حتى يغشى عليه. ويقول أحد الأعراب: فلما أن بكرت إليه وطلبته فلم أقدر عليه فانصرفت إلى الحي وأعلمتهم. فقام اخوته وبنو عمه وأهل بيته فطلبناه يومنا وليلنا, فلما أصبحنا هبطنا إلى وادٍ كثير الحجارة والرمل إذا به (ميتاً) وقد كان خط بإصبعه عند رأسه هذين البيتين من الشعر:
توسد أحجار المهامة والقفر ومات جزِع القلب مندمل الصدر فياليت هذا الحب يعشق مرة فيعلم ما يلقى المحب من الهجر
فرثيناه وعلت أصواتنا بالبكاء وحملناه إلى الحي, فبكى عليه الغريب والقريب, وكل من سمع باسمه يوماً, ثم غسلناه وكفناه ودفناه إلى جانب قبر ليلى.. مات العاشق الولهان.. دون أن ينعم بابنة عمه وماتت العاشقة الولهانة دون أن تنعم بابن عمها وهذا حال المحبين.. دموع, وآهات, وسهر ونيران, وجراح ومع ذلك لا يتوبون أبداً. لحظة عطاء ما بين جوعي وشوقي اليك تظل البيارق مرفوعة ووهج المسافة ليمتد في ورق الليل, والعيون مسافرة, والميادين مفتوحة, النشر على الأفق صفحة من كتاب التمرد على التقاليد والروتين القاتل, وتعال إليّ فالشوق في قلبي يناديك والحب في فؤادي ينتظرك.
الجبل الذي كان يتلاقى عنده قيس وليلى
~
ويبقى
الأمل
...
رد مع الإقتباس