الموضوع
:
وَفَاءٌ
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
6
المشاهدات
1795
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 1
المشاركات
670
+
التقييم
0.49
تاريخ التسجيل
Aug 2021
الاقامة
الأردن
رقم العضوية
16809
11-25-2021, 04:02 PM
المشاركة
1
11-25-2021, 04:02 PM
المشاركة
1
Tweet
وَفَاءٌ
وَفَاءٌ
على حافةِ الْجِدَارِ العلويّةِ، تُرِكَتْ عصفورةٌ جميلة للإنتظار، لم يعد عصفورها من رحلته، بدأت السَّماءُ تُمطرْ، تَبلّل الجِدارْ، تبلّل ريشُها، لم تخطُ خطوةً واحدة، ما زالت تنتظره، تتلفّت يُمنةً ويسرةً باحثةً عنه في الأفقِ الْبَعيدِ، أمّا هي، فكانت تُمسكُ كوباً من الشّاي الساخن، وتنتظرُ معها عودتهُ، عَوْدَةَ العُصْفُورِ. تُسنِدُ ذراعاً على حافة النافذة من الداخل، وترفعُ كوب الشّاي إلى فهمها حيناً بعد حين. لماذا تُذكِّرُها هذه العصفورة بما حدث لها قبل أن يُسافِرَ هو في رحلةٍ طويلة، ظنّت أن غَيْبَته لن تطولَ، ولكن ها هو العامُ العاشر ينقضي منذ رحيله ولم يعد بعد، الفرق بينها وبين هذهِ العصفورةُ المسكينةُ أنّها ليست حرّةً، والفرق بينهُ وبين العصفورِ أنه ليس وفياً لعشّه، حتى العصافيرُ المهاجرة تتحلّى ببعض الوفاء تجاه أعشاشها، أمّا هو فعشرة أعوامٍ دون خبر أو مكتوب يطمئنُ قلبها الذي يتجمّد في برد الإنتظار، لم يَغمَض لها جَفْنٌ مُنذ أن رحل، لم تتوقف دموعها عن الإنهمار منذ أن رحل، لماذا لا يتعلّم الرجال من العصافير فنّ الوفاء والحب..؟ نظرت من جديد إلى العصفورة المبللة بالمطر، ربّما كانت تستحم، تُسلّي نفسها، قطرات الماء الهاطلة تتفجّر فوق ريشها فتنثر الماء نثراً، لماذا لا تحتمي هذه العصفورة بغصنِ شجرة، أو بسقفِ عش..؟ مثلي ..!! هل تُحاولُ الإنتحار في غيابه..؟ أم أنها تزيدُ من رصيد العتاب..؟ عليها أن تختبئَ قبلَ أن تَموتَ برداً، ربما عليّ أنا أن أنبِّهَـهَـا .. هل يَسْتحقُّ الذُّكُـورُ كلَّ هذا الوفاء ..؟ خرجت من المنزل، تحمل مظلّة المطر، تخطو نحو الجدار، وتلوّح بيدها للعصفورة كي ترحل وتبحث لها عن مكانٍ آخَرَ تختبئُ فيه، همّت بالإقتراب لولا أنّها شَاهَدَتْ ما صعقها! كان العصفورُ جريحاً على الأرض، ينتفضُ من البرد، والقطُّ الشِّرِّيرُ يقتربُ بحذر من العصفورة التي تضحّي بنفسها كي لا يلتفت القطّ نحو عُصْفُورها الجَريحِ .. ظلّت هي تحت المطر .. تبكي والدموعُ تنهمر.
من مجموعتي القصصيَّةُ "نِساء" 27.
رد مع الإقتباس