عرض مشاركة واحدة
قديم 10-07-2010, 06:16 AM
المشاركة 56
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( بلاء المؤمنين )
-------------------------------------

إن هناك شكوى من المؤمنين ، الذين هم في طور التكامل ..
حيث أن هناك أناسا تهمهم الحياة الدنيا ، كما يقول الإمام علي ( عليه ِ السلام ) :
( كالبهيمة المربوطة همها علفها ، أو المرسلة شغلها تقممها ) ..
بعض الناس يأكلون كما تأكل الأنعام ، والنار مثوى لهم ..
نعم أغلب الناس يعيش هذه الحالة البهيمية : همه بطنه ، وفرجه ..
ولكن هناك قسما من الناس ، يعبر عنهم القرآن الكريم :
{ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا } .

إن الإنسان له هم ، وله سبيل في هذه الحياة ..
هناك نقطة يحب أن يصل إليها ، حياته غير مبعثرة ..
ليس في السفر على هيئة ، وفي الحضر على هيئة ..
ليس في الجلوات على هيئة ، وفي الخلوات على هيئة ..
إنسان يمشي مشية مضطردة ثابتة ، وبخطى متوازنة ..
هذه مواصفات الإنسان السائر إلى الله - عز وجل - ، ولكن هذا الإنسان له بلاء ، وهذا البلاء يتمثل في مسألة الإدبار بعد الإقبال .. ليلة يصلي صلاة الليل وهو في قمة الخشوع ، وليلة يصلي وهو كاره للقيام ..
تارة يصلي صلاة الفريضة وهو في قمة الإقبال ، وفي فريضة لاحقة يعاني الإدبار ..
فالإنسان هو الإنسان ، والمسجد هو المسجد ؛ ولكنه يعيش إدبارا قلبيا قاسيا ، رغم أنه لم يعمل شيئا ..
ما هو التعليق على هذه الحالة ؟..
أولاً :
إن هناك فرقا بين الحالات الشعورية ، وبين الموقف الاستراتيجي للإنسان في هذه الحياة .. الإنسان عليه أن يمشي مع ربه مشية متزنة ؛ أي لا يقرب المعاصي ، ويؤدي واجباته ..
وهذه النفحات هي هبات من الله - عز وجل - قد يعطى الهبة وقد لا يعطى الهبة ..
مثل الموظف الذي يعمل بكامل نشاطه ، ويأخذ راتبه الشهري ، وفي بعض الأشهر يعطى العلاوات التشجيعية .. ولكن إذا لم يأخذ العلاوة ، هل يستقيل من العمل ؟..
قال رسول الله ( صلى اللهُ عليه ِ و آله ِ وسلم ) :
( إن لله في أيام دهركم نفحات ، ألا فتَعرَّضوا لها .. فلعلّ أحدكم تصيبه نفحة ، فلا يشقى بعدها )؛ إذن هذه النفحات تأتي وتذهب..
(أن لنا مع الله حالات ، لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل )
حالات :
أي ليس كل ساعة ، وليس في كل يوم .
فإذن ، إن الإنسان عليه أن يعمل بوظيفته ، ولا تهمه النتائج ..
فالإنسان يصلي صلاة لا أفكار فيها ، وبعد ذلك أعطي الإقبال أو لم يعط ؛ فهذا شأن الرب وليس من شأن العبد ..
العبد عليه بالعبودية ، ورب العالمين يعمل بمقتضى الربوبية .
ثانياً :
إن العبد في بعض الأوقات ، لا يقدر هذه النعمة
( لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )

بإمكان الإنسان بعد أن يصلي مستحبه وواجبه في المسجد، وبعد تفقد الأخوان ؛
إذا كان يعيش جو إقبال روحي ؛ الذهاب إلى مكان آخر : كالحديقة ، أو شاطئ البحر ..
ويحاول أن يعيش هذه الحالة ؛ حتى يعطى الإقبال مرة أخرى ..
إن استمر الإدبار فترة طويلة، يجب أن لا يستسلم ، بل عليه أن يقدم الشكوى إلى الله عز وجل ..
وخير ما يعبر عن هذه الحالة، كلام الإمام السجاد علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في مناجاة الشاكين :
( إِلَيْكَ أَشْكُو قَلْباً قاسِياً مَعَ الْوَسْواسِ مُتَقَلِّباً ، وَبِالرَّيْنِ وَالطَّبْعِ مُتَلَبِّساً ، وَعَيْناً عَنِ الْبُكاءِ مِنْ خَوْفِكَ جامِدَةً ... )
إن دعا بهذا الدعاء مرة واحدة بتوجه ، يرجى أن ترجع إليه حالة الإقبال مرة أخرى.


7 / 10 / 2010