عرض مشاركة واحدة
قديم 10-06-2010, 10:31 PM
المشاركة 130
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
في المغرب العربي
( بدر شاكر السياب )


قرأت اسمي على صخرة
هنا في وحشة الصحراء
على آجرّه حمراء
على قبر فكيف يحس إنسان يرى قبره
يراه و إنه ليحار فيه
أحيّ هو أم ميت ؟ فما يكفيه
أن يرى ظلا له على الرمال
كمئذنة معفّرة
كمقبرة
كمجد زال
كمئذنة تردد فوقها اسم الله
و خطّ اسم الله فيها
و كان محمد نقشا على آجرّة خضراء
يزهو في أعاليها
فأمشي تأكل الغبراء
و النيران من معناه
و يركله الغزاة بلا حذاء
بلا قدم
و تترف منه دون دم
جراح دونما ألم
فقد مات
و متنا فيه من موتى و من أحياء
فنحن جميعنا أموات
و أنا و محمد و الله
و هذا قبرنا أنقاض مئذنة معفرة
عليها يكتب اسم محمد و الله
على كسرة مبعثرة
من الآجرّ و الفخّار
فيا قبر الإله على النهار
ظل لألف حربة و فيل
و لون أبرهة
و ما عكسته منه يد الدليل
و الكعبة المخزونة المشوّهة
قرأت اسمي على صخرة
على قبرين بينهما مدى أجيال
يجعل هذه الحفرة
تضم اثنين جد أبي و محض رمال
و محض نثارة سوداء منه استترلا قبره
و إياي أبنه في موته و المضغة الصلصال
و كان يطوف من جدّي
مع المدّ
هتاف يملأ الشطآن يا ودياننا ثوري
و يا هذا الدم الباقي على الأجيال
يا إرث الجماهير
تشظّ الآن و اسحق هذه الأغلال
و كالزلزال
هزّ النير أو فاسحقه و اسحقنا مع النير
و كان إلهنا يختال
بين عصائب الأبطال
من زند إلى زند
و من بند إلى بند
إله الكعبة الجبّار
تدرع أمس في ذي قار
بدرح من دم النعمان في حافاتها آثار
إله محمد و إله آبائي من العرب
تراءى في جبال الريف يحمل راية الثوّار
و في يافا رآه القوم يبكي في بقايا دار
و أبصرناه يهبط أرضنا يوما من السحب
جريحا كان في أحيائنا يمشي و يستجدي
فلم نضمد له جرحا
و لا ضحّى
له بغير الخبز و الأنعام من عبد
و أصوات المصلين إرتعاش من مراثيه
إذا سجدوا يترّ دم
فيسرع بالضماد فم
بأيات يغضّ الجرح منها خير ما فيه
تداوي خوفنا من علمنا أنا سنحييه
إذا ما هلل الثوار منا نحن نفديه
أغار من الظلام على قرارنا
فأحرقهن سرب من جراد
كأن مياه دجله حيث و لى
تنم عليه بالدم و المداد
أليس هو الذي فجأ الحبالى
قضاه فما ولدن سوى رماد
و أنعل بالأهلة في بقايا
مآذنها سنابك من جواد
و جاء الشام يسحب في ثراها
خطى أسدين جاعا في الفؤاد
فأطعم أجوع الأسدين عيسى
وبل صداه من ماء العماد
و عضّ نبيّ مكه فالصحارى
كل الشرق ينفر للجهاد