الموضوع: إلى صديقي
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2021, 08:38 AM
المشاركة 63
ثريا نبوي
المراقب اللغوي العام
الشعراء العرب

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية التميز الألفية الأولى القسم المميز شاعر مميز المشرف المميز 
مجموع الاوسمة: 8

  • موجود
افتراضي رد: إلى صديقي
صباح الخير يا صديقي
إنها العاشرة صباحا
لم أنم طيلة البارحة،، أرقني سؤالك
( لماذا تكتبين؟)
تخيل منظر رأسي من الداخل
أسئلة غاضبة تبحث في جيوب الذاكرة
ذاكرة خائفة تمد يديها الخاويتين
خَواء مرعب يفتح الشبابيك لكل الرياح الهائجة
هائجة أنا من الداخل ومن الخارج مسالمة جداً
لك أن تتخيلني من الخارج
أنا يا صديقي أكتب لأنني مكتظة بالأسئلة
ألف لماذا تعبث برأسي فلا تجد سوى أجوبة مضغها
جميع من كانوا قبلي على هذه الأرض
أطعموني إياها عندما كنت صغيرة
وحرصوا كل الحرص ألا أتقيأ
أنا الآن أفعل،، لذلك هم مشمئزون
أنا أكتب لأن الكلمات عالقة في حلقي
حتى إني أتحدث بلهجة لا يعرفها المترفون
لاحظ كيف أعض على الكلمات كي لاتزلق مني
لذا تجد التاء والسين في آخر كلماتي
كلمات كثيرة خرجت مكسورة
وكلمات أخرى ترتبك خوفا
وأخرى ماتت في فمي
والكثير الكثير من تلك التي سقطت في معدتي
هم يطلقون على هذا العذاب ( تأتأة)
أكتب لأنني عندما أفرح يطير عصفور من صدري
لكنه يحط على عامود الإنارة المقابل لشباك غرفتي
لأنني حين أضحك يرتفع صوتي مايثير غضب من حولي
هل تعرف معنى أن تفرح وحدك و تضحك بارتباك؟
هذه المشاعر المتشابكة والمجعدة جدّاً
أمشطها في آخر اليوم بالكتابة
أكتب كي أعلق ذكرياتي على مشاجب الحزن
كثيرة هي ومبعثرة بأروقة روحي
ما أن أمشي خطوة حتى أتعثر بدمعة
ما إن أسقط منها حتى تتلقفني أيادي الندم
أنت لا تعلم يا صديقي كم هي مؤلمة أظافر الندم
أنا يا صديقي أكتب لأنني كبرت جدّاً على الكلام
ولأنني أحزن ويسألني أحدهم ما بك؟
أشير إلى لا شيء يُرى
أستطيع أن أكتب عن تلك الليلة التي سقطت على رأسي
وعن الكلمة التي جثمت على صدري
وعن المرأة التي قتلوها وكفنوها بعباءتي
وعن الطفلة الموءودة تحت سريري
عن العجوز التي تأتي كل ليلة لتدس بضع سنين في قلبي وتختفي
أستطيع أيضا أن أكتب عن ذلك الشعور الذي يأخذ بيدي
دون رغبة منّي إلى الموت
لكن لا شيء من هذا يُرى يا صديقي!
مُبهرةٌ موووووجعةٌ مثل هذه الكتابةِ التأملية
مُبهرةٌ حين تنظرين من ثُقبِ ذاتك وتُملينَ على يراعتِكِ عُمقَ الألم
ومؤلمةٌ لأنني وجدتُكِ فيها ووجدتُني أيضًا بين براثنِ الندم
:
على هامش الوجع:
هذه أول مرةٍ أدخل فيها هذا المتصفحَ الرائع
أتمنى أن يتسع الوقتُ لأعود
المشاركة المُقتبسة رقم (41)
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة