أَذَانُ الدُّمُوع ..
.
.
.
الْيَوْمَ نَادَتْ أَدْمُعِي
وَهَمَتْ تُنَاجِي مَضْجَعِي
فَاهَتْ بِحُرْقَةِ مُدْنَفٍ
يَا نَفْسُ أُوبِي وَارْكَعِي
صَلَّتْ وَأَحْيَتْ مَنْسَكًا
فِي الْحُبِّ، تَقْنُتُ فَاسْمَعِي
تَدْعُو بِأَسْمَاءِ الْهَوَى
حُلْمًا نَمَا فِي أَضْلُعِي
هَلَّتْ عَلَى وَجَعِ الْبِعَادِ
عَلَى نَشِيجِ تَضَرُّعِي
فَرَوَى الْأَنِينُ دُعَاءَهَا
مِنْ بُحَّةٍ لَبَّتْ مَعِي
صَاتَتْ تُبَتِّلُ فِي خُشُوعٍ
يَصْطَلِي بِتَوَجُّعِي
تَرْنُو مُلَبِّيَةَ التَّسَاقُطِ
صَوْبَ أَصْلِ الْمَنْبَعِ
هَلْ تَسْمَعِينَ نِدَاءَهَا
الشَّاكِي لِحُسْنِكِ؟ فَاشْفَعِي
مَا زَالَ يَحْضُنُنِي الْأَسَى
مَا زَالَ يَحْضُنُ مَصْرَعِي
عُودِي، أَمَا وَلَّى جمالُكِ
وَاسْتَقَلَّ تَطَلُّعِي؟!
كُلُّ الطُّيُورِ عَلَى الْغُصُونِ
بَكَتْ بِآهِ الْمُزْمِعِ
أَنْ يَجْعَلَ الْعِشْقَ الرَّسُولَ
إِلَى غَرَامِكِ فَاسْجَعِي
كَيْ تَصْدَحَ النَّايَاتُ شَوْقًا
فِي أَذَانِ الْمَسْمَعِ
وَالْوَجْدُ يَشْكُو لِلْجَوَى
الْإِبْحَارَ فِي الْمُسْتَنْقَعِ
وَشَكَا وَأَجْهَشَ مِنْ جَفَاءٍ
يَنْتَشِي بِتَمَنُّعِ
وَالرَّوْضُ يَعْرَى وَالرُّبَى
هُرِعَتْ إِلَيْكِ لِتَقْنَعِي
تَحْتَاجُ أَمْوَاهُ الْبُحُورِ
إِلَى مَوَانِيكِ، ارْجِعِي
حَتَّى تَنَامَ كَعَاشِقٍ
يَخْتَالُ بَيْنَ الْهُجَّعِ
أَنَا فِي بَهَاٰئِكِ مُبْحِرٌ
وَغُيُوبُ حُبِّكِ مَطْمَعِي
مَا زِلْتُ أَمْخُرُ بَحْرَهُ
وَمَدَى الرِّيَاحِ الْأَرْبَعِ
وَرَفَعْتُ صَارِيَةَ الْهَوَى
وَنَصَبْتُ قَصْدَكِ أَشْرُعِي
هَا قَدْ أَتَيْتُكِ فَاصْنَعِي
مَا شِئْتِ بِي أَنْ تَصْنَعِي
لكِنْ تَوَقَّيْ مَا اسْتَطَعْتِ
جَزَالَةَ الْمُتَوَرِّعِ
وَنَقَاوَةً وَلْهَى انْطَوَتْ
فِي عِفَّةِ الْمُتَوَلِّعِ
فِي صَبْوَةٍ دَفَّاقَةٍ مِثْلَ
السُّيُولِ الدُّفَّعِ
عُودِي إِلَى الْقَلْبِ الَّذِي
يُسْقَى بِحُبِّكِ وَانْبَعِي
عُودِي إِلَى الطِّفْلِ الَّذِي
يَشْتَاقُ حِضْنَ الْمُرْضِعِ
يَا شَمْسَ عُمْرِي مَا حَيِيْتُ
وَلَهْفَتِي، هَيَّا اسْطَعِي
وَاسْتَيْقِظِي فَجْرًا مُنِيرًا
فِي دُجَى الْمُسْتَطْلِعِ
لَمَّا سَكِرْتُ مِنَ الْغَوَىٰ
أَدْرَكْتُ أَنَّكِ لَمْ تَعِي
أَنِّي أُشَرِّعُ فِي غَرَامِكِ
مَا يُنَاهِزُ مَرْتَعِي
وَالْتَعْتُ لَمَّا شَقَّنِي
رَتْقُ الْمَدَى الْمُتَوَسِّعِ
وَغَرِقْتُ فِي رَيْبِ التَّسَاؤُلِ
هَلْ غَرَامِيَ قَدْ نُعِي
فَصَرَخْتُ مِنْ هَوْلِ التَّنَائِي
يَا عُيُونِي أَقِلِعِي
يَا دَمْعُ كُفَّ عَنِ النَّحِيبِ
وَيَا ظُنُونُ تَزَعْزَعِي
يَا نَفْسُ لَا لَا تَجْزَعِي
مِنْ لَسْعِ ظَنٍّ مُولَعِ
فَهَطَلْتِ صَوْبًا شَافِيًا
مِثْلَ الْغُيُومِ الْهُمَّعِ
وَرَتَقْتِ بِالوَصْلِ الْمُمَسَّكِ
خَرْقَ بَيْنٍ مُفْجِعِ
لَمْ أَدَّعِ الْحَرْفَ الْأَنِيقَ
وَسِيلَةً، لَمْ أَدَّعِ
لَمْ أَسْرِقِ الْأَلَمَ الْهَجِينَ
وَلَمْ أُوَسِّدْ مَهْجَعِي
مَا عُدْتُ أَعْبَأُ بِالْبَلَاغَةِ
وَالسُّطُورِ اللُّمَّعِ
مَا عَادَ يَعْنِينِي غَرَامٌ
يَنْطَوِي فِي الْبَلْقَعِ
فَتَوَسَّدِي اللَّيْلَ الْمُسَافِرَ
فِي غَرَامٍ مُوجِعِ
وَاسْتَعْذِبِي لَحْنًا يُعَرْبِدُ
فِي الْعَذَابِ الْمُمْتِعِ
فَسَقَى الْخُلُودَ بِأَدْمُعٍ
مِنْ كَأْسِ شَوْقٍ مُتْرَعِ
يَا ذَاتَ حُسْنٍ لَا يَغِيبُ
وَشَقَّ لَحْظُكِ بُرْقُعِي
مُذْ آنَسَتْ رُوحِي السِّهَامَ
"مِنَ الْمَحَلِّ الْأَرْفَعِ"
كُلُّ الشِّفَاهِ تَقُولُ
إِنَّكِ مِنْ لَآلِئِ مُبْدِعِ
أَشْرَقْتِ فَانْهَمَرَ الدَّلَالُ
عَلَى الدُّنَى كَيْ تَطْلُعِي
فَطَلَعْتِ وَانْفَلَقَ الصَّبَاحُ
فَيَا جَلَالَ الْمَطْلَعِ!!
.
.
..
باسم أحمد قبيطر - طرابلس لبنان - إسبانيا