عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
2309
 
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي


محمد فتحي المقداد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
650

+التقييم
0.11

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7788
02-09-2021, 12:56 AM
المشاركة 1
02-09-2021, 12:56 AM
المشاركة 1
افتراضي تبادلات (أقصوصة)
[justify]
تبادلات..

أقصوصة

بقلم/ الروائي محمد فتحي المقداد


ما بالُ الرّصيف راسِلٌ صمته المُريب، لم يَبُح بما حصل في آخر اللّيل، أو في الصّباح الباكر، وعند المساء. يتساءل سرًّا ذلك الرّجل الذي يحتلّ زاويته المعهودة منذ أشهر عديدة بجانب عمود الكهرباء.
قالوا: إنّ سُكّان الشُّقق في العمارة في الجهة الأخرى المُقابلة له، مُتوجّسون بِطُروئه على المكان، شكوكٌ أحاطته بهالة تأويلاتهم الصّابّة في اتّجاه وحيد.
شكلُه مُنبِئٌ عن خفايا لا تزيدُها ملابسه الرثَّة إلّا تأكيدَ وظيفته القائمة بجانب عمود الكهرباء، لم تنفعه ابتساماته المُصطنعة لفتح خطوط التواصل مع مُحيطه. عيناه تُوَصْوِصان على العابرين للطريق، ولم تنسيا جواره المقصود.
الصحفيّ الشّهير صاحب الزّاوية اليوميّة في الصفحة الأخيرة من الجريدة الحكوميّة، وعلى غير عادته بالخروج والدُّخول إلى شُقَّته، وقف أثناء عودته أمام باب العمارة؛ كأنّهُ تذكّر شيئًا من وصايا زوجته لشراء بعض الأغراض الضروريّة.
الرّجلُ مُتّكئٌ على العمود بوضعيّةٍ موحيةٍ بتعبه، لكنّه لم يبرَح مكانه منذ الصّباح.
لاحظ الصحفيّ ذلك، يبدو أنّه تذكّر أمرًا ما، بينما امتدّت يدُهُ اليُسرى لرفع قُبّعتِه رمزه الذي لا يُفارقه على الدوام، ابتهج الرّجل من الجانب المُقابل على الرّصيف. أرسل ابتساماته من جديد، ورفع يده بردّ التحيّة.
حرارة الجوّ عرَّقتْ صلعةَ الصحفيّ، أخرج منديلًا لتجفيفها، ولم ينسَ حكّها برؤوس أصابعه، ثمّ أعاد القُبّعة إلى مكانها، وتابع دخوله إلى بيته.
وما زالت ابتسامات الرّجل مُندلقةً على عرض الطريق، قوبلت بنظراتٍ الصحفيّ الشَّزِرة بشهادة عمود الكهرباء.

من كتابي (دقيقة واحدة)

عمّان – الأردنّ
ــا 8\ 2\ 2021
[/justify]