عرض مشاركة واحدة
قديم 09-28-2010, 08:53 PM
المشاركة 16
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا بك مجددا يا ريم ,
كانت البداية مع الجمال في إسرائيل بداية وعرة وشديدة الصعوبة , لعدة أسباب ,
لكنها تتلخص في شيئ واحد وهو قلة الخبرة وقلة الإمكانيات التي كانت متوافرة للجهاز في ذلك الوقت ,
ولم يتلق الجمال تدريبا عاليا قبل رحيله إلى إسرائيل بل كان تدريبه عاديا ويعتمد بصفة أساسية على فطرته الطبيعية وذكائه المتوقد الذى استشف فيه عبد المحسن فائق قدرة فائقة على الخداع والتلون ,
ولم يكن هناك معيار خطورة أبدا في تلك المرحلة لأن الجمال في فترته الأولى وكما تقتضي قواعد عملية زرع الجواسيس لا يتم تكليفه بالقيام بأدنى نشاط في عمله لأن المرحلة الأولى هى مرحلة الشك والتحرى والتى يجب أن تتم بهدوء كامل بعيدا عن أى شبهات أيا كان نوعها أو صغرها
ولهذا كانت الأوامر صريحة ومشددة على أن يقضي رفعت الجمال الفترة الأولى في حالة كمون وسكون وينشغل فقط بتثبيت مكانته في المجتمع الإسرائيلي وفى تأسيس شركته السياحية التي بدأت كمكتب صغير
ونفذ الجمال الخطة بنجاح ونجح أيضا في أن يرفع مكانته في مجتمع تل أبيب بسببين هامين
الأول : أنه لم يأت مهاجرا فقيرا من السفارديم ( يهود الشرق ) بل رحل ومعه مبلغ لا بأس به من المال مما أهله لأن يفتتح عمله الخاص ويصبح إلى حد من رجال الأعمال في المجتمع اليهودى مما منحه وضعية خاصة
الثانى : التوصيات التي أرسلها يهود مصر بشأنه بعد أن نجحت المخابرات المصرية في أن تجعله بطلا قوميا لدى اليهود بعانى من الإضطهاد المصري مما زاد من رفعته بين المجتمع اليهودى في إسرائيل

وبدأ المكتب السياحى عمله بشراكة قامت بين الجمال وبين شريكه رجل الأعمال اليهودى ( ايمى فريد ) والذي قدمه صالح مرسي في القصة تحت اسم مستعار وهو ( أورلو زوروف )
ولأن شخصية الجمال كانت آسرة بطبيعتها ويتمتع بجاذبية شخصية لا تقاوم وبكاريزما مجاملة فقد نجح في أن يصبح واحدا من أكثر الشخصيات المجتمعية ذات الشعبية خلال فترة قليلة ,
وبمعاونة معارفه في ذلك الوقت من حزب الماباى الحاكم من أمثال موشي ديان وجولدا مائير وكانا في ذلك الوقت شخصيات مرموقة في تل أبيب باعتبار أن ديان كان جنرالا كبيرا في جيش الدفاع وجولدا أحد ركائز الحزب الحاكم
فضلا على شخصية ( إدناه مارش ) وهى إحدى ركائز اتحاد العمال الإسرائيلي ( الهستدروت ) والتى تعلقت بالجمال وفتحت أمامه باب التعارف على كبار المجتمع
وقد قدمها صالح مرسي في القصة تحت اسم مستعار هو ( سيرينا أهارونى )

هذا عن الفترة الأولى التي امتدت من عام 1954 م حتى عام 1958 م ,
وخلال هذه الفترة بدأ الجمال نشاطه منفردا فلم يكن قد تلقي تدريبا جديدا يؤهله لتكوين شبكة كالتى صنعها فيما بعد ,
ونجح الجمال في إمداد القيادة المصرية بموعد وخطة حرب العدوان الثلاثي قبل موعدها بثلاثة أشهر كاملة,

وبعد حرب 56 م تدهورت أحوال الجمال نظرا لأن السياحة في إسرائيل مرت بأزمة خانقة عقب الحرب مما أثر على نشاط مكتبه وتخلى عنه شريكه اليهودى وعانى الجمال في تلك الفترة من تدهور في أحواله المالية دفعته لطلب الدعم من الجهاز في مصر ,
وفى تلك الفترة لم يحسن الجهاز استغلال الجمال كما ينبغي حتى تولى ملف العملية ضابط مخابرات جديد في ذلك الوقت وهو عبد العزيز الطودى ـ الذى قدمه صالح مرسي باسم عزيز الجبالى ـ وهو رفيق عمر الجمال حيث أصبح الطودى مسئولا عن ملف العملية كله كضابط حالة وتمكن من إعادة تأهيل الجمال تماما ,
وفى البداية أمكنه أن يتعرف على الظروف الضاغطة التي يتعرض لها الجمال في تل أبيب ونقص الخبرة والتدريب الذى يعانى منه , ومن هنا اقترح إعادة تدريبه على أعلى مستوى في ذلك الوقت خاصة بعد أن أصبح جهاز المخابرات المصري في عهد صلاح نصر مديره الشهير منظما على أعلى المستويات
وتم إعادة ترتيب إدارات الجهاز بالشكل الذى وفر الإمكانيات المادية والعلمية ليكون الجهاز منافسا قويا على الساحة
وبالفعل قام محمد نسيم ورفعت جبريل بإعادة تدريب وتأهيل رفعت الجمال على أرقي مستويات التجسس والحصول على المعلومات كما وفروا له أعمالا مميزة مغطاه لشركته السياحية مما جعلها تصبح واحدة من أكبر الشركات في تل أبيب
كما زودوه بأحبار سرية مبتكرة من القسم العلمى لإدارة المخابرات المصرية وكان يتم تغيير الأحبار كل فترة بسيطة لزيادة معامل الأمن
وقد تفوقت المخابرات المصرية والإسرائيلية في ذلك المجال على سائر أجهزة المخابرات في العالم نظرا لقوة المنافسة بينهما
وبدأ الجمال تحت رعاية محمد نسيم في تكوين اللبنة الأولى لشبكته الموسوعية فى تل أبيب وبدأت الأعمال الإحترافية تترى من تلك الشبكة
ونجح الجمال في زيادة تعميق شخصيته في المجتمع الإسرائيلي حتى وصل الأمر إلى أن رشحوه في الكنيست وأصروا على طلبهم , وأرسل الجمال يستشير فجاء الرد بالرفض القاطع
وذلك لأن وجود الجمال في دوائر السلطة بصفة رسمية يعنى أن تركيز الأضواء سيشتد عليه وكذلك الرعاية الأمنية والرقابة المشددة مما يعرضه لخطر كشف أمره ,
وفيما بعد عام 65 م أصبح رفعت الجمال واحدا من أكثر شخصيات المجتمع الإسرائيلي بروزا وفوق مستوى الشبهات للدرجة التي مكنته من معرفة تصرفات أجهزة الأمن الإسرائيلية وتحرياتها عنه في فترته الأولى بتل أبيب حيث صارحه ضباط الأمن الداخلى بما يشبه الدعابة أنهم وضعوه تحت الرقابة فترة طويلة وأتت النتائج سلبية في صالحه طبعا

وظل على هذا الحال يتقدم اجتماعيا بين الفترة والأخرى حتى قيام حرب أكتوبر واستئذانه من الجهاز في إنهاء عمله عام 1974 م ,
وتم ذلك بالفعل بعد زواجه من فالتراود بيتون وتصفية أعماله في تل أبيب والهجرة إلى ألمانيا ,
هذا باختصار مجمل الحالة الإجتماعية للجمال خلال فترة زرعه ,