الموضوع
:
من أرقى كتب الأدب والبلاغة الإنشاء ( جواهر الأدب )
عرض مشاركة واحدة
09-27-2010, 03:10 PM
المشاركة
10
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 6
تاريخ الإنضمام :
Feb 2009
رقم العضوية :
6405
المشاركات:
25,776
التخلص والاقتضاب في مواضيع الإنشاء
التخلص هو أن يأخذ مؤلف الكلام في معنى من المعاني
فبينما هو فيه إذ أخذ في معنى آخر غيره وجعل الأول سببا إليه
فيكون بعضه آخذا برقاب بعض من غي أن يقطع كلامه
ويستأنف كلاما آخر بل يكون جميع كلامه كأنما أفرغ إفراغا
وذلك مما يدل على حذق الشاعر وقوة تصرفه من أجل أن تطاق الكلام يضيق عليه ويكون متبعا للوزن والقيافة فلا تؤاتيه الألفاظ على حسب إرادته.وأما الناثر فإنه مطلق العنان يمضي حيث شاء فلذلك يشق التخلص على الشاعر أكثر مما يشق على الناثر.
ومما جاء من التخلصات الحسنة قول المتنبي المتوفى سنة 354 هـ.
خليليَّ إني لا أرى غيرَ شاعرٍ
فلمَ منهم الدّعوى ومنّي القصائد
فلا تعجباً إنّ السيوفَ كثيرةٌ
ولكن سيفَ الدولة اليومَ واحد
وهذا هو الكلام الآخذ بعضه برقاب بعض
ألا ترى إلى الخروج إلى مدح الممدوح في هذه الأبيات
كأنه أفرغ في قالب واحد،
والاقتضاب أن يقطع الشاعر كلامه الذي هو فيه
ويستأنف كلاما آخر غيره من مديح أو هجاء أو غير ذلك
ولايكون للثاني علاقة بالأول كقول أبي نواس المتوفى سنة 198هـ
في قصيدته النونية التي لم يكمل حسنها بالتخلص من الغزل إلى المديح بل اقتضبه اقتضابا فبينما هو يصف الخمر ويقول:
فاسقني كأساً على عذلٍ
كرهتْ مسموعه أذني
من كميتِ اللّونِ صافيةٍ
خيرِ ما سلسلتَ في بدني
ما استقّرت في فؤاد فتى
فدرى ما لوعة الحزن
حتى قال:
تضحكُ النيا إلى ملكٍ
قامَ بالآثار والسُّنن
سنّ للناس الندى فندوا
فكأنّ البخلَ لم يكنِ
وإذا لم يستطع التخلص بأن كان قبيحا ممسوخا
فالاقتضاب أولى منه فينبغي لسالك هذه الطريقة أن ينظر إلى ما يصوغه
فإن أتاه التخلص حسنا كما ينبغي وإلا فليدعه ولايستكرهه حتى يكون مثل هذا.
واعلم أن التخلص غير ممكن في كل الأحوال وهو من مستصعبات علم البيان فليتدبر الشاعر
....يتبع
رد مع الإقتباس