عرض مشاركة واحدة
قديم 09-26-2010, 05:40 AM
المشاركة 55
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الخلاف والجدال )
-------------------------------------

إن من الظواهر التي توجب قسوة القلوب ، وإيقاع العداوة بين المؤمنين ، وفي العوائل والأسر؛ ظاهرة المجادلة ..
حيث أنه يستحيل أن يعيش إنسان مع إنسان مدة من الزمن ، ولا يختلف معه في مسألة ما ..
ولكن كيف نحتوي هذا الخلاف ، ونقلل الصدمات ؟..

إن أول أثر من الآثار السلبية للشجار والخلاف ، أن صورة الذي نختلف معه لا تفارق أذهاننا ..
فبني آدم لا ينسى صورتين :
المحبوبات ، والمبغوضات ..
وهذه الصورة تأتي في الصلاة ، فيصلي الإنسان وهو :
إما في غزل مع من يحب ، أو في معركة مع من لا يهوى ..
ومن منا يخلو من أحد هذين الأمرين :
إما حب وإما بغض وكلاهما يصدان الإنسان عن السبيل ..
ومن هنا علينا أن نتعلم أدب الخلاف :
القانون الأول :
عدم الاعتقاد بحق مطلق ..
فالإنسان ليس متصلا بالسماء ، ولا يأتيه الوحي ؛ لذا عليه أن يحتمل الخطأ ، فيقول :
أنا على حق ، والطرف المقابل قد يكون على حق ..
حتى في النقاش العلمي { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ } ؛ هذا منطق المؤمن :
يحتمل الحق مع الطرف المقابل ، وإن كان الاحتمال ضعيفا .. لأن الاحتمال الأقوى أن الحق معه ، وإلا لما اختلف مع أحد .
القانون الثاني :
الحمل على الصحة ..
البعض يقول :
خصمي يعاندني !.. من أين علم أنه يعانده ؟.. هو يرى أن الحق معه !..
لماذا لا يحمل فعل أخيه على محمل واحد ، والحال أن الرواية تقول :
( إحمل فعل أخيك على سبعين محملا ) .. أي حاول أن تبرر لأخيك ما يقوم به ، حتى أنهم قالوا :
لو شممت رائحة الخمر من فم أخيك ، قل : لعله تمضمض به ولم يشربه ..
إلى هذه الدرجة ، يريد الإسلام منا أن نعيش حالة الحصانة في أنفسنا .
إن النبي الأعظم ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) اختلى مع امرأة ، وإذا به يقول للمؤمنين :
هذه عمتي ..
نعم ، المؤمن عليه أن يحتاط في هذا المجال .. مثلا :
إذا رأى مؤمنا مع امرأة ، فعليه أن يضع احتمال :
أن هناك عقدا شرعيا بينهما ..
إن من لم يحمل فعل أخيه على الأحسن ، قد يقع في يوم من الأيام في ورطة وفي هتك مؤمن ، فإذا تورط في هذه العملية ، كأنه هدم الكعبة ..
إذا رأى الإنسان الجو جو جدل ونزاع ، فلينسحب من المعركة ، ما له وللجدال ؟.. ولماذا يحرق نفسه ليعتقد فلان بفكرة ما ؟.. روي عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( من ترك المراء وهو مبطل ؛ بنى الله له بيتا في ربض الجنة .. ومن ترك المراء وهو محق ؛ بنى الله له بيتا في أعلى ألجنة ) ..
الذي ينسحب من الجدال بعد أن يتبين أنه على باطل ، هذا عمل حسن ؛ ولكن الأعظم والأعلى درجة أن يكون الحق معه وينسحب ، ويقول للطرف المقابل : أنت افترض أن الحق معك !..
حتى في النقاش العقائدي إذا سئل الإنسان يبين ، وإلا فلا ..


26 / 9 / 2010