الموضوع
:
الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~
عرض مشاركة واحدة
09-25-2010, 03:55 AM
المشاركة
467
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7870
المشاركات:
17,197
وكلنا يعرف قصة ابني آدم
)
لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)
(
[المائدة].
ثم يقول:
)
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)
(
[المائدة].
(34)
وممن المواقف المثيرة ما ورد بشأن العتاب من الهدهد لسيدنا سليمان حيث قيل: إنه لما كان من أمر صدق الهدهد وسلامة موقفه وإخلاصه للتوحيد ـ قال لسليمان: كيف توعدتني يا نبي الله بالذبح لمجرد التغيب عن الحضور والتأخر عن المملكة إذا لم يكن هذا التغيب مشفوعاً بسلطان مبين؟!! ( وكان الهدهد توهم أنه الذبح المعروف بالمدية ( السكين )، وهو الذي تفزع وتفرق منه الطيور والحيوانات ).
ـ قال سليمان: كنت سأذبحك بغير سكين...
ـ كيف ذلك؟.
ـ بأن أضعك بين قوم لا يعرفون قدرك!!.
ـ إن هذا والله لأشنع وأبشع من الذبح..
إن الهدهد المؤمن لم يطق أن يرى قوماً يسجدون للشمس من دون الله، وهذا يقطع بيقينه وعمق رصيده الإيماني بالله الواحد الأحد الحقيق بالعبادة... ثم إنه عالم بأن وراء ضلالهم وغوايتهم الشيطان الذي غرر بهم وزين لهم أعمالهم فضللهم وصدهم عن السبيل، فهم لا يهتدون
(35).
إن الطبع الجموح، وهو المسمى عندنا بالطبع المثالي، إنما هو أعلى الطباع شأناً وأعظمهم فطرة، وأقواهم جبلة من حيث إن صاحبه يملك أمره ويسيطر على جميع قواه النفسية والعصبية والحسية، فهو يملك زمام الأمور في يد واثقة ويقف على أرض صلبة من اليقين والثقة بالنفس، ومهما أوتي من قوة عارضة أو كثافة حد إلا أنه إذا عورض بدليل راجح لا يتورع أن يسلم به ويتخلى عن رأيه دون أدنى شعور بالغضاضة أو التردد أو التقاعس لسبب من الأسباب...
وهذه بلقيس التي كانت من قوم كافرين بشخصيتها وطبعها المثالي لأول وهلة قالت:
)
إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)
(
،
ثم كان إسلامها مع الإقرار والاعتراف بالذنب:
)
قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)
(
.
هذه المرأة العملاقة الجسور
(36)
صدق فيها قول الشاعر:
ولو كانت النساء كمثل هذي لفضلت النساء على الرجال
طبع معاوية وشخصية عمرو بن العاص
في حوار خاطف سريع بين معاوية بن أبي سفيان وبين عمرو بن العاص نستطيع ـ من تحليل السياق والوقوف على المآتي والمصادر والحوافز النفسية والخوالج المطمورة في مطاوي السريرة ـ أن نستخلص الطبع والشخصية وإمكاناتها وأبعاد القدرات الخاصة، سيما الميتافيزيقية، وهي ما وراء الظواهر التي تلوح عن الخواطر والبوادر ولكن تكمن وراء أسجافها وستورها ألغاز وحوافز أو كوابح غامضة أو خفية محجوبة.
قال معاوية: ما بلغ من أمرك يا عمرو؟.
قال عمرو: يا أمير المؤمنين، ما دخلت في أمر إلا وخرجت منه...
قال معاوية: لكني ما دخلت في أمر، وأردت الخروج منه.
ونقول: إن شخصية عمرو بن العاص تلوح ركائزها وعمق جذورها الراسخة المكينة من خلال هذه الفقرة المحدودة، إذ إن النكرة في سياق النفي تفيد العموم، على ما ذكر علماء النحو.
وقوله: ( ما دخلت ) نفي.
وقوله: ( أمر ) نكرة، وهذه النكرة المسوقة في إطار النفي أفادت العموم لأجل ذلك، ومفاد هذا: أنه في أي أمر ( على العموم والإطلاق) مهما كان شأنه ما دخل فيه عمرو بن العاص إلا وخرج منه. وهذا يدل على قوة العارضة والثقة الفارطة بالنفس. وحدة الذكاء، وحضور البديهة واليقظة التامة، كلها من مقومات تلك الشخصية التي لا تبالي أي الأمور تنخرط في أتونها، فهي مستعدة لاستدعاء كل طاقتها وكوامن قدراتها للخروج من المآزق المتوقعة والمروق من الكوارث والإفلات الخاطف من أية نازلة أو نائبة في أي وقت في أي مكان وفي أي زمان: وكذلك كان عمرو بن العاص حقاً، وبذلك طارت شهرته في الآفاق كأحد دهاة العرب...
أما معاوية رضي الله عنه فكان من الطبع اللمفاوي، الذي يتروى ويستشير، ويستأنس بآراء المقربين منه وغير المقربين من أهل الرأي الموثوق بهم... فهو إذا دخل في أمر ( لا يريد ) الخروج منه لأنه اختاره بإرادته الحرة الواعية، ولا يتم ذلك إلا بعد مشاورة واستئناس ودراسة وتقويم لكل الأخطار المتوقعة واستحضار كل البدائل والممكنات... ومن ثم يكون مطمئناً نماماً لأن هذا الاختيار هو أفضل وأنسب اختيار ولا يسد مسده أو ينوب عنه اختيار آخر... من ثم، فلا موجب ولا مدعاة للتفكير في إرادة الخروج منه بعد دراسة الجدوى بجدية وتقويم.
كلا الرجلين له طبعه وله شخصيته، وكلاهما واجه التاريخ بصفحة حافلة من الأحداث الجسام التي تتآزر جميعها على التأكيد على ما ذهبنا إليه من تحليل طباعي لكلا العملاقين من الصحابة... فرضي الله عنهم أجمعين.
[1] – توضح الآيات قوة موسى وشدة غضبه الذي تمثل في ثورة عارمة إذ أخذ بلحية أخيه ورأسه.
[2] – راجع ما حرره العلماء في تفسير القرطبي وروح المعاني للإمام الألوسي 9/66 ـ 68 .
[3] – راجع القرطبي والطبري والكشاف للزمخشري.
[4] – قال ابن عباس: لما رجع موسى من المناجاة غضبان لعبادة قومه العجل أعجلتم أمر ربكم بانتظار موسى حتى يرجع من الطور وألقى الألواح وهي ألواح التوراة من شدة الضجر والغضب ألقى الألواح وأخذ بشعر رأس أخيه هارون ولحيته ويجره إليه ظناً منه أنه قصر في كفهم عن ذلك. راجع تفسير الطبري 13/123 وروح المعاني 9/66 وما بعدها.
[5] – يلاحظ قوة غضب موسى ووهن هارون وضعفه وتوسله واستشفاعه لأخيه بالرحم الماسة الميلولة ليكف عنه.
[6] – ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح.
[7] – على ما ورد في لسان العرب لابن منظور 7/273 ، 274 وما بعدها، وهو منقول عن القرطبي أيضاً في تفسيره 13/ 260، 261 .
[8] – وهذا مؤدى قوله تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً 17 [النساء]. راجع ما قاله الفخر الرازي في التفسير الكبير 9/ 235 .
[9] – قال الإمام الطبري 20/31 وابن عباس: أو أن يبطش بالقبطي الفرعوني فظن الإسرائيلي الذي هو من شيعته أنه يريده. ولكن ورد عن الحسن أن الصارخ المستغيث هنا هو القبطي. تفسير القرطبي 13/265 ، ولكن المختار عند الطبري أولى.
[10] – وإلا فكيف نفسر قول موسى للإسرائيلي: إنك لغوي مبين ، ويقر بهذا تصريحاً وتأكيداً، ثم يريد أن يبطش بعدوه مع كل هذا؟؟!!.
[11] – هوى: هلك، وقيل: شقى. وقيل: هوى: أي: سقط من قصر في جهنم، يهوي الكافر من أعلاه في جهنم أربعين خريفاً. راجع تفسير ابن كثير 3/161 .
[12] – راجع التفسير الكبير للرازي 22/214، والقرطبي 11/329، وجامع البيان للطبي 17/61. وقال الرازي 2 /15: دخل ابن عباس على معاوية، فقال له معاوية: يظن نبي الله يونس أن لن يقدر الله عليه؟! قال ابن عباس: هذا من القدر لا من القدرة هـ . بتصرف.
[13] – التفسير 4 /118.
[14] – حاشية الصاوي على الجلالين 4/40 وانظر الزمخشري في الكشاف 3/472 وفيه: لا يقول الغضب أحلام.
[15] – داحضة بمعنى مدحوضة فاعلة بمعنى مفعولة، مثل دافق بمعنى مدفوق، وراضية بمعنى مرضية وساتر بمعنى مستور . وقال ابن كثير: وفيه غضب منه، وعذاب شديد يوم القيامة، التفسير 4/110. وقال ابن عباس: نزلت في طائفة من بني إسرائيل همت برد الناس عن الإسلام ومحاجتهم بالباطل. البحر المحيط 7/513.
[16] – في السنن 1/67 و2/435.
[17] – 2/79.
[18] – 190/223.
[19] – الترمذي.
[20] – المسند 2/242.
[21] – قال المفسرون: وهذه الكلمة هي المشار إليها في قوله تعالى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى 129 [طه].
[22] – أخرجه أبو داود في السنن 5/141/4748 وأحمد في المسند 4/226. فالغضب من الشيطان، والشيطان من نار، والماء يطفىء النار.
[23] – الترمذي 3450 عن ابن عمر.
[24] – مسند الإمام أحمد 1/239.
[25] – أخرجه البخاري 8/52/6114 ومسلم 2609 وأبو داود وأفمام أحمد في المسند 1/382 و2/236 و268 و517.
[26] – أخرجه البخاري 8/53/6116.
[27] – وهذه إشارة ضمنية إلى أن الطبع الغضبي لا يتغير ولا يتأتى لذلك النهي عنه، لذلك فهو أمر طبيعي لا يزول من الجبلة.
[28] – راجع فيض القدير للمناوي 3/462، وكشف الخفاء للإمام العجلوني 1/353/1120 والسخاوي في المقاصد الحسن 303/397، والطبراني في معجمه 3/88.
[29] – سورة القصص، من الآية 38. هذا هو قمة الجهل والتردي في حمأة النرجسية والتشوه.
[30] – وهو بذلك يجحد فضل الله تعالى عليه ويتملكه الغرور ويستولي عليه البطر والغطرسة.
[31] – كظيم: كاظم، وهو الممسك على حزنه، لا يظهره ولا يشكوه. وقيل: هو المملوء كمداً وغيظاً ولكنه يكتمه في نفسه.
قال الألوسي: الأسف أشد الحزن على ما فات. روح المعاني 13/39 ـ 41. وقال الرازي في الكبير 18/93: الحزن الجديد يقوي الحزن القديم. وقد قال الشاعر القديم:
فقلت له: إن الأسى يبعث الأسى فدعني فهذا كله قبر مالك
وقال أمير الشعراء أحمد شوقي:
فإن يك البين يا ابن الطلح فرقنا إن المصائف يجمعن المصائب
وفي روح المعاني 13/39:
ولم تنسني أوفى المصيبات بعده ولكن نكاء القرح بالقرح أوجع.
[32] – هذا النمط هو الجموح
bogty temperment
، وذلك باصطلاح علماء الطباع، ولكن لاشتراك لفظ الجموح مع المعنى اللغوي الذي مفاده السرعة والاندفاع، ولذلك رأى السيد الجميلي أن يسميه عند الأنبياء وغيرهم بالطبع المثالي.
[33] – وكانت النتيجة: أن عصى الإثنان ربهما وأكلا من الشجرة. قال تعالى: فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ 22 [الأعراف].
[34] – تأمل قوله: لئن بسطت إلي ، حكاية عن قابيل، ويرد عليه هابيل: ما أنا بباسط يدي... والفرق البلاغي ظاهر الوضوح. قال العلماء: إثمي: إثم قتلي، وإثمك: لعدم صبرك علي. قال الزمخشري: كان هابيل أقوى من قابيل القاتل، لكنه تحرج من قتله خوفاً من الله الكشاف 1/485. وقال أبو حيان: أراد أن يقتل مظلوماً لا ظالماً من البحر. المحيط 3/463.
[35] – راجع التفسير الكبير للإمام الرازي 24/190 وما بعدها، وانظر ما قاله ابن عباس عن بلقيس: قالت لقومها: إن قبل سليمان الهدية فقاتلوه، فهو ملك يريد الدنيا، وإن رفضها فهو نبي صادق فاتبعوه ابن كثير في مختصره 2/671 وتفسيره 3/361. وقال قتادة: ما كان أعقلها في إسلامها وشركها بتصرف من القرطبي 13/194.
[36] – وقد بسط الإمام الألوسي قصة توليها المملكة وتنصيبها ملكة، وذكر أيضاً ـ كما نقل عن آخرين ـ أن أمها كانت جنية راجع روح المعاني 19/188 بتصرف .
~
ويبقى
الأمل
...
رد مع الإقتباس