عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 03:54 AM
المشاركة 465
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يتميز المثالي أيضاً، بالقوة مع المثابرة وعدم الملل فهو لا يعرف اليأس، وهو شديد الحرص والحذر واليقظة والجلادة، مع عدم المبالاة بشهوة الجنس غير الشرعية مع البساطة والتواضع.
هذا النمط المثالي مشهود له بالحب والشفقة والتحنن على الآخرين، والعطف على من هم دونه من الضعفاء وأضرابهم، مع صلابته في التحدي والتصدي لنظراته وأقرانه ومن هم أقوى، والجموح لا يعرف الإعضال، أو الاستحالة إزاء همته العالية، وعزيمته القوية.
ثم إن العاطفة الدينية عند هذا النمط تكون عادة متوهجة مطرودة، وهم يهتمون بالتاريخ والمستقبل البعيد، من ثم نراهم يعدون العدة ويرسمون الخطط لمستقبلهم في دقة بالغة، وهم لذلك ليسوا مسوقين عشوائياً إلى مقاصدهم وغاياتهم عشوائياً بل إنهم يتشوفون إلى غوامض المستقبل بالحكمة والأناة، مع الفعل المنسق المرتب مع الالتزام بضوابط الأخلاق والقانون بلوائحه وقوانينه في إطار عزيمة خارقة تقتحم الصعاب وتجتاز المهالك بضراوة وشراسة وتصميم، لا يلوي على شيء، وتتصدى وتتحدى كل من يقف في طريقها ليعوقها عن الوصول إلى مبتغاها، مع الدقة والإتقان الذي هو قوام النجاح والبلوغ إلى الذروة المأمولة.
وإذا كان العصبي متفلتاً من التدين، ولا يكترث بقيم الدين ولا ضوابطه، ولا أخلاقياته، فإن تدين العاطفي هو الأميل إلى التصوف والفلسفة والفكر، لكن تدين الجموح هو للسيطرة على الزمان بدلاً من الانخراط فيه... وأما ما ينعاه الناعون على تدين العاطفي بأنه فوضوي لخطورة انزلاقه في كثير من الأحيان إلى التردد والشك والريبة وهذا ما يتنزه عنه الجموحين ومن على شاكلتهم.
لكن الطراز اللمفاوي عقلي التدين، ولا يخرج تدين الغضبي عن التصلب والتشدق بأصول العبادة مع جنوحه إلى الرقائق والمواعظ والإرشاد بالخطب الحماسية والصوت الجهوري.
أما الدمويون فإنهم يرون الدين وسيلة لابتزاز المشاعر، مع تسخيره لأعراضهم بافتعال تبريرات مصنوعة وذرائع مكذوبة.
إن المتهم أمام سليمان عليه السلام ـ الهدهد ـ وهو طائر لا حول له ولا قوة، لكن قوبل بحسم منقطع النظير، وشدة فائقة، حتى لا يكون التساهل والتهاون معه سبيلاً وطريقاً لتبرير الخروج على النظام والالتفاف حول القواعد الكلية بذرائع وتبريرات منحولة واختلافات مفتراة... لكن هذه الشدة لم تكن عنفاً محضاً ولا اعتسافاً في استعمال الحق، لكنها ممزوجة بالعدل الذي هو أساس الملك، ولا تقوم للحياة قائمة بدونه....

~ ويبقى الأمل ...