عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 03:53 AM
المشاركة 461
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

من النمط العاطفي (romantic temperment) الجدير بالتنويه، القمين بالتنبيه إليه، الحقيق بالتأمل والتدبر فيه ـ إنما هو نمط نبي الله يعقوب عليه السلام وما جرى له من جراء فراق ابنه يوسف وحزنه عليه.
وتتمثل الطبيعة العاطفية في يعقوب أصدق تمثيل وأبلغ تصوير، إذ تلوح في كل أقطار الشخصية كل المخايل والعلامات والأشراط والتصرفات ـ كل خصائص الفطرة العاطفية:).... وقال يا أسفى على يوسفَ وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم (84 ) ((31)[سورة يوسف].
إن ابيضاض عيني يعقوب، بسبب الحزن الشديد والأسف على فقدان فلذة كبده، أشعل حريق اللوعة، وأجج وأضرم سعير الوله على يوسف الطفل المفقود في غياهب الجب، مما كان له أعنف الأثر الذي أعقب يعقوب العمى النفسي المسمى عند الأطباء النفسيين بـ (hysterical blindness). وهو من ألوان العمى الذي يقع على الحقيقة، وهو مردود إلى الكوارث النفسية (psychological crises) والصدمات العاطفية العنيفة التي تعتري الطبع العاطفي المشحوذ الإحساس، المطرور في رهافته وشعوره، والمتوتر الوجدان دائماً لفرط الانفعالية.
إن تراكم الأحزان في طوية العاطفي تجعله دائماً مثقلاً بالهموم ينوء بالأنكاد، منغلق على نفسه يميل إلى الوحدة والعزلة، كثير الخجل، خوالجه مشحونة مشغولة بما يجتره باستمرار من وقائع موجعة وأفكار أليمة وذكريات تحمل في مطاويها كل ما يجرح الشعور ويثير كامن الأشجان.
إن العاطفي يعيش في ذكرياته الوجيعة وأحلامه القاسية المنصرمة التي تنبض بالقلق في ضميره ومكنون سريرته بين الحين والحين، وبين الفينة والفينة، وهي تفتأ تكدر عليه حياته، وتنغص عليه أوقاته وتحرمه من المسرات، وتقطع عليه سبيل التسرية والتفريج.
إن العاطفي شديد التأذي، وهو على النقيض من العصبي.

~ ويبقى الأمل ...