عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 03:52 AM
المشاركة 456
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والنمط العاطفي يؤثر السكينة ويكره الصراع ولو أتى أسباب النصر فيه... إن الصدام رهان خاسرة، ومجازفة تهولة، وخرق لا موجب له، ولا مبرر للتورط فيه من العاطفي الذي ينشد السلامة، ويركن إلى الدعة مهما كان في ذلك تفويت لفرص يرجوها ويتشوق إليها... ثم يستغفر موسى عليه السلام لنفسه ولأخيه وهذا بعد أن برئت ذمة أخيه من التقصير والتهاون المقصود.
هناك موقف آخر لموسى عليه السلام عندما استغاث به الإسرائيلي فيصراعه مع القبطي: )فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) ([سورة القصص]....
وكزه: لكزه(7) وموسى في ثورته الغضبية لم يقصد قتل القبطي، فهو قتل خطأ إذن... وقد فطن موسى لأول وهلة أن الشيطان هو الذي هيج غضبه وزج به إلى هذا الفعل القاتل... فاستغفر ربه فغفر له: )قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) ([سورة القصص].
وهذا مفاده: أن المسارعة إلى التوبة من السنن المحمودة، مع الإقرار بالخطأ والاعتراف به(8).
لكن بعد هذه التوبة المقبولة والعذر الممهود والإنابة، يحاول الطبع السيطرة على الشخصية مرة أخرى بالتوسيل والتغرير: ).... فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18) ([القصص]...
لم يزل موسى متأثراً متألماً لما حدث بالأمس من قتله القبطي خطأ عن غير عمد، فما أن استصرخه الإسرائيلي، الذي كان استنصره بالأمس، حتى قال له موسى منفعلاً:)إنك لغوي مبين (.
ولما رأى الإسرائيلي ـ والذي هو من شيعة موسى ـ الغضب في عينيه والتهجم بادياً على جبينه وإنه على وشك الهياج والثوران، ارتعب وذعر واستولى عليه الفزع والهلع مخافة أن يفتك به موسى، فاستطار قلبه، وسارع صارخاً: ).... أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس ( 19 )([القصص].
ولكن الحقيقة الثابتة في ظاهر النص القرآني أن موسى ساورته نفسه أن يبطش بالقبطي(9)، وكأنه سيطر عليه الطبع القوي الذي يحضه على الانتصار للإسرائيلي الذي هو من شيعته.
قال تعالى: )فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما.... (، فإن مدلول الآية يقطع بتوجه إرادة موسى إلى قتل القبطي، وهنا نية العمد متوفرة.

~ ويبقى الأمل ...