عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 03:51 AM
المشاركة 454
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثالثاً: كل كافر مغضوب عليه، وكل مغضوب عليه من الله تعالى هالك لا محالة، كذا كل مرضي عنه من الله ناج.
قال تعالى: )قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) ([سورة طه](1).
وقال: )وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151) ([سورة الأعراف].(2)
)وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الألْوَاحَ..... (154 ) ([سورة الأعراف ].(3)
كان موسى عليه السلام على درجة رهيبة من الغضب والثورة لانحراف قومه عن عبادة الله تعالى وتوحيده، وقد ثارت ثائرته وهجم على أخيه هارون أخذاً بلحيته ورأسه في ثورة عارمة، ظاناً أنه قصر في زجر قومه وحاد عن طريق الحق بالسكوت عن ضلالهم(4)
)وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ......(5)قوة عارضة وفحولة مدهشة حال اختلاجه وانفعاله الذي انفلت بسبب الغيرة الشديدة على دين الله )قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (6)توضح الآيات في أجلى وأبين بيان وأدق تصوير كل ملابسات وخصائص الغضب في الطبع الغضبي.
وهذه الخصيصة من هذا الطبع (furious temperment) ممدوحة عند موسى، لأن مردها ومرجعها إلى القوة في أمر الله والغيرة على دينه، وهذا موجب قوي يحفز إليها ويحض عليها.
لكن الطبع الغضبي بين السواد الأكبر من أفناء الناس طبع ممقوت لكثرة مثاليه وجم عوراته، وما انطوى عليه من نقائص تتمثل في القوة الشديدة والصرامة العنيفة، والعناد، والاندفاع، والحمق وعدم التروي، والتهور العشوائي غير المحسوب، محروم من الحلم والأناة والرفق.
والغضبي معنىٌّ بالرد الفوري سريع الاستجابة مهما كانت الآثار والتداعيات والمردودات.
إن عقل الغضبي فولازي صلب، لا يعرف المرونة، وإن كان لا يعدم المروءة، شديد الصلادة والتحجر. ولئن كان الطبع الغضبي مولعاً بالموضوعية، فهو منهوم بالفعل، يلتذ بتفعيل طموحاته، إلا أنه ضيق الأفق مع طيبة القلب ورهافة الشعور.

~ ويبقى الأمل ...