عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 03:34 AM
المشاركة 405
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أ. حاجة العلوم الطبيعية للوحي:
يتوهم الكثيرون أنّ العلوم الطبيعية لا حاجة لها بالوحي وذلك للآتي:
• الارتباط الشديد بين هذه العلوم وبين الواقع المادي، إذ أن طبيعة معطيات تلك العلوم مادية يعتمد إدراكها على التجريب والقياس الذي يمكن به دراسة الواقع المادي بصورة ممتازة. وهذا أمر لا خلاف عليه.
• تشهد هذه العلوم يوماً بعد يوم تطوراً هائلاً وتقدماً ممتازاً، الأمر الذي يدل دلالة واضحة على أنها لا تعاني أزمة منهجية ولا معرفية.
ولكن هذه الأمور مع كونها صحيحة في النظر الجزئي - إلا أنها قاصرة قصوراً شديداً عن التصور الكلي الصحيح، والحق أن من يقول بذلك إنما يتوهم أن هذه العلوم حرفاً يدوية صرفة لا تقتضي تصوراً كلياً للأشياء، يقول البروفسير محجوب عبيد عالم الفيزياء الشهير " هذا التصور قد يكون مقبولاً حين كان العلم في بداياته يتدرج نحو صقل طرق القياس وتطوير سبل الاستنباط والاستدلال والبرهان حين كان هذا العلم أقرب إلى حنكة الحرفة منه إلى عمق الفكر والمبدأ، ولكن التطورات المعاصرة في الفيزياء النظرية وعلم الكون والهندسة الوراثية قد تجاوزت ذلك الموقف الشكلي وقربت تطوراتها قضايا هذه العلوم من موضوعات البداية والنهاية وأطلت به على مشارف قضايا كبيرة في العقيدة والفلسفة، وهذه التطورات قد أحرجت الموقف الشكلي البسيط الذي يفصل بين الحقائق العلمية والمذاهب الفكرية وفضحت ضعفه أمام الأبواب المفتوحة نحو إشباع طموح الإنسان في الوقوف على أسرار الخليقة وطبيعة الأشياء)(15).
ولما كان الأمر على الوجه الذي ذكرناه فقد اتضح أنّ بالعلوم الطبيعية حاجة ماسة إلى الوحي ومعطياته وإن كانت حاجة العلوم الاجتماعية والإنسانية أقوى وأكبر كما سيأتي، وتتمثل حاجة العلوم الطبيعية للوحي في أمور منها:
*عندما تتحول هذه العلوم من الطبيعة المادية إلى الأطر الكلية الفلسفية فإنها - بطبيعة الحال - تدخل بصورة مباشرة في أسئلة لا يمكن إيجاد حل لها إلا في وحي السماء.
*يؤكد علماء الطبيعيات أنه ليس هنالك من برهان تجريبي قط على صدق أي نظرية علمية تتعلق بالعلوم الطبيعية، فهذه النظريات - وانّ كانت مبنية على الملاحظات والحقائق التجريبية - إلا أنّ تشكيل النظريات يقتضي مفاهيم مترابطة ونسقاً متماسكاً؛ وهنا يدخل التصور الذهني الافتراضي الذي لا يمكن التحقق منه تجريبياً (16).
*رغم أنّ الفكر الغربي قد استبعد المعرفة الغيبية التي مصدرها الوحي وحدد مفهوم العلم تحديداً صارماً - إلا أنّ علماء الطبيعيات في تشكيل نظرياتهم قد وقعوا في مفارقات منهجية، حين لم يتحرجوا من اللجوء إلى غيبيات متخيلة تساعد على فهم المشاهد والمحسوس (17).
ولما كان الأمر كما سبق فليس من المعقول إطلاقاً أن ترفض الحقائق الغيبية التي جاء بها الوحي وكانت من الصدق بحيث لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، ثم تقبل أخيلة العلماء وتصوراتهم التي لا يمكن التحقق من صدقها تجريبياً.

~ ويبقى الأمل ...