عرض مشاركة واحدة
قديم 10-11-2020, 08:21 AM
المشاركة 2021
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... أَزْكَنُ مِنْ إِيَاسٍ ....

هو إياسُ بن مُعَاوية بن قُرَّة المُزَنيّ ، كان قاضياً
فائقاً زَكِناً ، تولى قضاء البصرة سنةً لعمر بن عبد
العزيز رحمه الله تعالى .
فمن نوادر زَكَنه أنه سمع نُبَاح كلب لم يَرَه ، فقال :
هذا نُبَاح كلب مربوط على شَفِير بئر ، فَنَظَروا
فكان كما قال ، فقيل له في ذلك ، فقال : سمعت
عند نُبَاحه دَوِيّاً من مكان واحد ، ثم سمعت بعده
صَدًى يُجيبه ، فعلمت أنه عند بئر .
ومن نوادر زَكَنِه أيضاً أنه رأى أثرَ اعتلاف بعير ،
فقال : هذا بعير أعْوَر ، فَنَظَروا فكان كما قال ، فقيل
له : من أين قلت ذاك ؟ فقال : لأنّي وَجَدْتُ اعْتِلَافه
من جهة واحدة .
ومن نوادر زَكَنِه أيضاً أنه رأى قوماً يأكلون تمراً
ويلقون النوى متفرقاً ، فرأى الذباب يجتمعن في
موضع من التمر ، ولايَقْرَبْن موضعاً آخر ، فقال
إياس : إن في هذا الموضع حية ، فنظروا فَوَجَدوا
الأمر كما قال ، فقيل له : من أين علمت ؟ قال :
رأيت الذبابَ لا يَقْرَبْنَ هذا الموضع ، فقلت يَجِدن
ريحَ سمٍّ فقلت حية .
ونظر إلى ديك يَنْقُر ولا يقرقر ، فقال : هذا هَرِم ؛
لأن الشابّ إذا وَجَد حبَّاً نقره وقرقر لتجتمع الدجاج
إليه .
ورأى جاريةً في المسجد وعلى يدها طَبَقٌ مُغَطَّى
بمنديل ، فقال : معها جَرَادٌ ، فكان كما قال ،
فسئل ، فقال : رأيته خفيفاً على يدها .
ومن نوادر زَكَنِهِ أن رجلين احتَكَمَا إليه في مالٍ فَجَحَدَ
المطلوبُ إليه المالَ ، فقال للطالب : أين دفعت إليه
المالَ ؟ فقال : عند شجرة في مكان كذا ، قال :
فانطلق إلى هذا الموضع لعلك تتذكر كيف كان أمر
هذا المال ، ولعل الله يوضح لك سبباً ، فمضى الرجلُ
وحَبَسَ خصمه ، فقال إياس بعد ساعة : أترى خصمَكَ
قد بلغ موضع الشجرة ؟ قال : لا بعد [ساعة] ، قال :
قم يا عَدُوَّ الله ، أنت خائن ، قال : فَأَقِلني أقالك الله ،
فاحتفظ به حتى أقرَّ وردَّ المالَ .
قال حمزة : ونوادر إياس كثيرة قد كتب المدايني عليه
كتاباً وسماه كتاب " زَكَن إياس "
ويقال : مات مُعَاوية بن قُرَّة أبو إياس وهو ابن ست
وسبعين سنة ، فقال إياس في العام الذي مات فيه
أبوه : رأيتُ في المنامِ كأني وأبي على فَرَسَيْن فَجَرَيا
جميعاً ، فلم أسبقه ولمن يسبقني ، فعاش إياس أيضاً
ستاً وسبعين سنة .
وذكر بعض الشعراء* إياساً في شعْره فلم يستقم
له أن يذكره بالزكَن فوضع مكانه الذكاء ، فقال :

إِقدَامُ عَمْرٍو فِي سَمَاحَةِ حَاتِمٍ
في حِلْمِ أَحْنَفَ فِي ذَكَاءِ إِيَاسِ


* هو أبو تمام حبيب بن أوس الطائي