عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 01:18 AM
المشاركة 364
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المبحث الثالث
الإعجاز التأثيري من خلال الآيات القرآنية وبعض المواقف من السيرة النبوية:
إن تأثير القرآن الكريم في القلوب قد بلغ مبلغاً عظيماً لم يعرف قبله ولا بعده كلام قط، إذ تلحق قلوب سامعيه وأسماعهم روعة وخشية وتعتريهم هيبة وتهيمن عليهم عظمته، ونرى آثاره على الجاحدين أبلغ وأظهر، إذ يقرّعهم عن ضلالهم ويقيم عليهم حججاً لا معقّب لها فيستثقلون سماعه ويتولّون عنه بنفور مدبرين كما أخبر الله تعالى عنهم { ولقد صرّفنا في هذا القرآن ليذّكروا وما يزيدهم إلّا نفوراً }[52]. وقال أيضاً: { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً }.[53]
وإن الإقرار بالعجز أمام اختيار آيات قرآنية معيّنة مؤثّرة في النفس البشريّة دون سواها من آيات القرآن الكريم أمر لا يعدّ نقصاً في البحث أو الباحث، فقد يتأثّر بعضهم بآية تتحدّث عن القدرة الإلهيّة في الكون والحياة وقد يتأثّر الآخر بما ذكره الله في حياته من النعيم والجنان وما أعدّه الله للمؤمنين ويتأثّر الثالث بآية تتحدّث عن النّار والجحيم والسعير ويتأثّر رابع بالحقائق التاريخية الصادقة وخامس يتأثّر بالبلاغة المعجزة والكلمة الرقيقة وسادس يتأثّر بالأسس الشرعيّة المحكمة في مجال الحكم والأسرة والمجتمع وغير ذلك.
وهكذا فالقرآن لا يترك نفساً إلّا ويتحدّث معها عن ملكة من ملكاتها المتعددّة، سواء أكانت فكريّة عقليّة أم وجدانيّة عاطفيّة أم سياسيّة أم عسكريّة إلى غير ذلك، ويأخذ هذا التأثير أشكالاً متباينة أحياناً أو منسّقة أحياناً أخرى، فتأثّر المشركين والكافرين غالباً نفوراً وإعراضاً، أو إلقاء للحجج الواهية التي يقصدون بها التعجيز لقارئه أو النّيل من النّصّ القرآني نفسه كما نرى عند اليهود والمنافقين ومن شاكلهم.
ويظهر تأثّر المنافقين بالقرآن في صورة خوف وحذر وتربّص كذلك ؟
وأما مع المؤمنين: فيختلف مظهر التأثّر فكلّهم يرقّ قلبه، وينشرح صدره، وتفيض عيناه بالدّمع، دلالة على الاستسلام والإيمان، والعجز عن التعبير عما يجده في جوانحه مع حالة نفسيّة جديدة لا عهد له بها، ومن هنا تأتي صعوبة الانتقاء لآيات قرآنية أكثر تأثيراً دون سواها إذ يتوقّف ذلك على حالة المتلقّي – أيضاً – واستعدادته النفسيّة، وثقافته العلميّة ومذاقاته الوجدانيّة وما إلى ذلك.


~ ويبقى الأمل ...