عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 01:18 AM
المشاركة 363
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سيد قطب ورأيه من تأثير القرآن الكريم:
يقول الشهيد قطب عن تأثير القرآن الكريم ( إن في هذا القرآن، سراً يشعر به كل من يواجه نصوصه ابتداء، قبل أن يبحث عن مواضع الإعجاز فيها.
إنه يشعر بسلطان خاص في عبارات هذا القرآن، يشعر أن هنالك شيئاً ما وراء المعاني التي يدركها العقل من التعبير، وأن هناك عنصراً ما ينسكب في الحسن بمجرد الاستماع لهذا القرآن يدركه بعض الناس واضحاً، ويدركه بعض الناس غامضاً ولكنه على كل حال موجود هذا العنصر الذي ينسكب في الحس يصعب تحديد مصدره:
أهو العبارة ذاتها ؟ أهو المعنى الكامن فيها ؟ أهو الصور والظلال التي تشعّها ؟ أهو الإيقاع القرآني الخاص المتميّز من إيقاع سائر القول المصوغ من اللّغة ؟
أهي هذه العناصر كلها مجتمعة ؟ أم إنها هي وشيء آخر وراءها غير محدود ؟
ذلك سر مودع في كلّ نصّ قرآنيّ، يشعر به كل من يواجه نصوص هذا القرآن ابتداء ثم تأتي وراءه الأسرار المدركة بالتدبّر والنّظر والتّفكير في بناء القرآن كله )[49]
إن سرّ تأثير القرآن في النفس البشرية فيه كله، فكلّ جوانب العظمة والسموّ فيه، ألفاظه ومعانيه، وصوره، وظلاله، وإيقاعه، وأسلوبه، وشيء آخر بالإضافة إلى كلّ ذلك.
ويقول رحمه الله للقرآن تأثير عجيب على النفوس وسلطان قويّ على القلوب: ( ويبقى وراء ذلك السرّ المعجز في هذا الكتاب العزيز، يبقى ذلك السلطان الذي له على الفطرة متى خلي بينه وبينها لحظة – وحتى الذين رانت على قلوبهم الحجب وثقل فوقها الركام تنتفض قلوبهم أحياناً وتتململ، وتحت وطأة هذا السلطان وهم يستمعون إلى هذا القرآن.
إن الذين يقولون كثيرون، وقد يقولون كلاماً يحتوي على مبادئ ومذاهب وأفكار واتجاهات، ولكن هذا القرآن ينفرد في إيقاعاته على فطرة البشر وقلوبهم فيما يقول: ( إنّه قاهر غلّاب بذلك السلطان الغلّاب )[50]
إن للقرآن سرّاً خاصّاً على النفوس حتى يبلغ أن يؤثّر بتلاوته المجرّدة على الذين لا يعرفون العربية، وعلى العوام الذين يسمعون إلى تلاوته لا يطرق عقولهم منه شيء، لكن يطرق قلوبهم إيقاعه ويظهر على ملامحهم سره، إن كل آية وكل سورة تنبض بالعنصر المستكن العجيب المعجز في هذا القرآن، وتشي بالقوّة الخفيّة المودعة في هذا الكلام، وإن الكيان الإنساني ليهتزّ ويرتجف ولا يملك التماسك أمام هذا القرآن كلّما تفتّح القلب، وصفى الحسّ، وارتفع الإدراك، وارتقت حساسيّة التّلقّي والاستجابة، وإنّ هذه الظّاهرة لتزداد وضوحاً كلّما اتّسعت ثقافة الإنسان.[51]
ولذلك نرى سيّد قطب رحمه الله تعالى قد تناول الإعجاز التأثيري حيث بيّن ما للقرآن الكريم من وسائل وقوّة تأثيريّة كبيرة على النفوس المؤمنة وغير المؤمنة.

~ ويبقى الأمل ...