عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 12:51 AM
المشاركة 293
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ويوضح "جارودي" كلامه في موضع آخر هذا بقوله: "وليس صحيحا كذلك أن العلم العربي مجرد تاريخ انتهى، قبل أن يبدأ تاريخ علمنا. فالعلم العربي، خلافا لتصورنا الوضعي، لا يفصل العلم عن الحكمة، إذ لا يغيب عن ناظريه: المعنى والغاية.. وبما أنه لا يعتبر الشيء مجرد واقعة، بل ينظر إليه على أنه "آية"، سواء أكان ذلك من ظواهر الطبيعة، أم من كلام الأنبياء، فهو لا يعزل تحليل العلاقات بين الأشياء لاكتشاف قوانينها، عن تركيب علاقاتها بالكل الذي يعطيها معنى.."(رجاء جارودي: الإسلام وأزمة الغرب ترجمة د.رفيق المصري، دار العالم للطباعة والنشر، جدة،ط1، 1403هـ،ص:18-19).
- لقد قام النبي عليه الصلاة والسلام بمعاينة أمراض الجاهلية، ومشكلاتها وتبعاتها، وتشخيص أسقامها على مستويات متعددة لقد حدد النبي عليه الصلاة والسلام، أزمة (إنسان ما قبل الإسلام) في مستواها الكوني عن طريق الوعي القرآني، وأرجعها إلى (مشكلة غياب الرؤية الكونية الصحيحة) لقضايا الإنسان، والكون، والحياة، وموضوع كل واحد منها وغاياته، ووظائفه. ولم يكن صلي الله عليه وسلم ليضع مكان المرض أعراضه، ولا مكان الأعراض أسبابها، ولا مكان الأسباب آثارها.كما لم يكن ، صلي الله عليه وسلم ليغير الواقع الاجتماعي غير السوي، قبل تغيير واقع أسبق منه منهجياً هو (الواقع النفسي) .. ولم يكن ليغير الواقع النفسي، قبل امتلاك نموذج تربوي للتغيير، يستقيه من (وحي إلهي).
- إن منطق السنة في التعامل مع الظواهر الاجتماعية منطق متميز، يأخذ قوته الاستدلالية، ومنهجه البرهاني، من منهج القرآن الكريم، الذي يمتلك شمولية النظر في الماضي، والحاضر، والمستقبل، وفي كل غيب علمه عند الله سبحانه وتعالى. كما يتحكم في هذه الحركة بشكل مستوعب ، وصحيح لا ريب فيه مطلقاً، فهو صبغة الله، ومن أحسن من الله صبغة. وعلى هذا فالسنة النبوية مثلاً عندما تتحدث عن (قصص الأنبياء ودعوتهم مجتمعاتهم)، فهي تكشف لنا عن تجارب حضارية عميقة وعن تركيب جوهري للحقيقة الدينية، مع حوادث الكون، والحياة، والبشر. ومن هنا يكون لها القصص كاشف للسنن، ومُوجه للناس إلى سنن الهداية.

~ ويبقى الأمل ...