عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
2036
 
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9


ياسَمِين الْحُمود will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
35,006

+التقييم
5.43

تاريخ التسجيل
Oct 2006

الاقامة
قلب أبي

رقم العضوية
2028
08-17-2020, 08:26 PM
المشاركة 1
08-17-2020, 08:26 PM
المشاركة 1
افتراضي حوار بين القادر والفاجر
معاجم الشعوب توجد أمثال و مواقف تعبر عن فلسفات هذه الشعوب تجاه شؤونها و شجونها ، و تنقل إلينا عبر هذه الأمثال خلاصة الدرس الذي وعته هذه الشعوب في مسيرتها و فلسفتها و في كل ما يعن لها من أمور.
و من بين ما أذكر من الأمثال التي يتناقلها العامة في صعيد مصر ، عن الرجل المزواج .. و أعني به الذي يتزوج بأكثر من واحدة ، بأنه " إما قادر أو فاجر " و يتبع هذا الرأي من طبيعة الظروف المحيطة بأهل هذا المثل ، حيث الزواج مكلف والحياة الاقتصادية بالكاد تفي بمطالب الأسرة ، لذا فإن الزواج بأكثر من امرأة هو شيء فوق طاقة الإنسان العادي ، لا يقدم عليه سوى من كانت لديه القدرة المادية .
و بالعودة إلى المثل العامي الصعيدي ، فالرجل الذي يكون محبا للحياة مقبلا على لذاتها، لا يكتفي بواحدة ، لذا يتحول إلى غيرها فيتزوج بأكثر من امرأة، و يجمع بينهم بالحلال ، فهو جريء جرأة تصل إلى درجة الخروج عن المألوف، و بالطبع فإن هذه المقولة لم تتعرض لأسباب أخرى ، شرعية ، قد تضطر الرجل للزواج بأكثر من واحدة ذلك لأن من قالها أو قالتها ربما تكون امرأة مرت بهذه التجربة و عانت منها .
لا أدري لماذا تذكرت هذه المقولة و أنا أرقب بعض الحوارات السياسية التي تمارسها الفضائيات أو بعضها ، إذ أجد هذا المثل العامي الصعيدي ماثلا بوقاحة أمامي ... فطرفا الحوار إما صاحب حق قادر على بيان حقيقة رأيه ، و لديه من الأسانيد و المعرفة و المصداقية ما يجعله يبدو منطقيا وواقعيا ، و هو ينحاز للحقيقة وحدها و للقيم النبيلة و الشريفة فهو - برأيي الشخصي - القادر على أن يكون طرفا في حوار ناجح ... و لكنه غالبا لا يعطي الفرصة عن سابق قصد و ترصد ، لأن في الحوار طرفا آخر يبدو مشبوها من متابعته ، فيعرض وجهة نظره في تأييد الباطل بوقاحة ، و يبرر انحيازه لغير الحق بكل ثقة ، يبدو أمام ناظريه فاجرا بحق و هو يستمتع بعرض أفكاره الرخيصة و تبريرها ، و كأنها هي وحدها الساطعة بالحق .
أتعجب كثيرا و أنا أرقب هذه الفئة و هي تستمتع بافتراءاتها ، و بالمنطق الذي يمارسه أفرادها " يجعل الإفك منطقيا " و طمس الكثير من الحقائق و أخص بالذكر بعض مقدمي البرامج السياسية الذين يلوون أعناق الحقيقة لكي يقدموا خدماتهم المدفوعة مسبقا لأطراف ضالة و مشبوهة ، لكن على هؤلاء ألا يفرحوا كثيرا لهذا النصر الرخيص ، فإذا كان المثل الصعيدي يصف الرجل بالفجور ، و هو يفعل ذلك بالحلال و من دون إخلال بالشرع ، فإن على هؤلاء أن يخجلوا .. فلا شيء يمكن أن يسندهم في تزويرهم العلني للحقائق ، و يبقى أن نتذكر الحكمة الشعبية التي تـقول : " إذا جاء العيب من أهل العيب فليس عيبا "
و كل لبيب بالمقولة عارف