عرض مشاركة واحدة
قديم 04-07-2020, 06:32 PM
المشاركة 689
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... تَرَكْتُهُ تُغْنِّيْهِ الْجَرَادَتَانِ ....

يضرب لمن كان لاهياً في نعمة ودَعَة .
والجرادتان : قَيْنَتَا معاوية بن بكر ، أحَدِ العماليق ، وإن عاداً لما
كَذَّبُوا هوداً عليه السلام توالَتْ عليهم ثلاثُ سنوات لم يروا فيها
مطراً ، فبعثوا من قومهم وَفْداً إلى مكة ليستسقوا لهم ، ورأسوا
عليهم قَيْلَ بن عنق ولُقَيْمَ بن هزال ولقمان بن عاد ، وكان أهل
مكة إذ ذاك العماليق ، وهم بني عَمْلِيق بن لاوذ بن سام ، وكان
سيدهم بمكة معاوية بن بكر ، فلما قدموا نَزَلُوا عليه ؛ لأنهم كانوا
أَخْوَالَه وأصهارَه ، فأقاموا عنده شهراً ، وكان يكرمهم والجرادتان
تغنيانهم ، فَنَسُوا قومهم شهراً ، فقال معاوية : هَلَكَ أخوالي ، ولو
قلت لهؤلاء شيئاً ظنوا بي بخلاً ، فقال شعراً وألقاه إلى الجرادتين
فأنشدتاه وهو :


ألا يا قَيْلُ وَيْحَكَ قُمْ فَهَيْنِمْ
لعلَّ الله يَبْعَثُهَا غَمَاما

فَيَسْقِي أرضَ عادٍ إنّ عاداً
قَدَ امْسُوْا لا يُبِيْنُونَ الكَلَامَا

مِنَ العَطَشِ الشّديدِ فليس تَرْجُو
لها الشيخَ الكبيرَ ولا الغُلَامَا

وقد كانتْ نساؤهُمُ بِخَيْرٍ
فقد أَمْسَتْ نساؤهمُ أيامَى

وإنّ الوحشَ يأتِيهِمْ جَهَارَاً
ولا يَخْشَى لعادِيٍّ سِهَامَا

وأنتم هَهُنا فيما اشتهيتمْ
نهارَكُمُ وليلَكُمُ التّماما

فقبح وَفْدُكم من وفد قومٍ
ولا لُقُّوا التّحيةَ والسَّلاما


فلما غنتهم الجرادتان بهذا قال بعضهم لبعض : يا قوم إنما بعثكم
قومُكم يتغوَّثون بكم ، فقاموا لِيَدْعُوا ، وتخلف لقمان ، وكانوا إذا
دعوا جاءهم نِدَاءٌ من السماء : أنْ سَلُوا ما شئتم فتعطون ما سألتم
فدعوا ربهم ، واستسقوا لقومهم ، فأنشأ الله لهم ثلاث سحاباتٍ
بيضاء وحمراء وسوداء ، ثم نادى منادٍ من السماء : يا قَيْلُ اخْتَرْ
لقومك ولنفسك واحدة من هذه السحائب ، فقال : أما البيضاء
فجفل ، وأما الحمراء فعارض ، وأما السوداء فهطلة وهي أكثرها
ماءً ، فاختارها ، فنادى منادٍ : قد اخترت لقومك رماداً رمداً
لا تبقي من عادا أحداً ، لا والداً ولا ولداً ، قال : وسير الله
السحابة التي اختارها قَيْلٌ إلى عاد ، ونودي لقمان : سل ، فسأل
عُمْرَ ثلاثة أَنْسُرٍ ، فأعطي ذلك ، وكان يأخذ فَرْخَ النّسر من وكره
فلا يزال عنده حتى يموت ، وكان آخرها لُبَد ، وهو الذي يقول
فيه النابغة :


أَضْحَتْ خَلَاء وأَضْحَى أهلُها احْتَمَلُوا
أَخْنَى عليها الذي أَخْنَى على لُبَدِ