الموضوع
:
حول رأفت الهجان ...تفضل أ. محمد جاد الزغبي
عرض مشاركة واحدة
09-23-2010, 03:13 PM
المشاركة
12
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 1
تاريخ الإنضمام :
Jan 2006
رقم العضوية :
780
المشاركات:
1,201
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
أهلا بك مجددا أستاذة ريم
,
ولك خالص التقدير على ما تبذلينه من فتح أبواب الحوار الجاد المثمر
ولا داعى لأى اعتذار فكلنا يمر بظروف تمنعه أحيانا من التواصل ,
الأخت الفضلي حنان آدم
لك خالص المودة لتقديرك الكبير ,
وأرجو أن أكون عند حسن الظن دائما ,
أ
ما بالنسبة لسؤالك الجديد شقيقتنا الفضلي ريم
,
فينبغي أولا تقسيمه إلى جزءين ,
جزء خاص بإعداد العملاء عامة , وجزء خاص بإعداد عملية الجمال ,
وقبلها مقدمة أراها ضرورية للتمهيد في هذا المجال ,
هناك فارق ضخم بين الجاسوس أو العميل وبين رجل المخابرات العامل ,
فرجل المخابرات العامل هو ضابط المخابرات المحترف الذى يقوم بعمله بعد تدريب هائل مكثف ,
أما العميل فهو شخص من خارج أجهزة المخابرات عادة يتم تدريبه لزرعه في وسط العدو
والفارق هنا هو في المقياس التدريبي حيث يكون تدريب وخبرات رجل المخابرات المحترف أضعاف أضعاف الجاسوس أو العميل لأن الجاسوس يخضع لدورات تدريبية تؤهله لمهمة التقاط المعلومات ,
أما رجل المخابرات فيتم تدريبه على أساليب التخابر نفسها وطرق العمل وتجنيد العملاء والمراقبة والتحرى فضلا على عشرات المعارف حول أساليب جهازه في العمل
لهذا فإن سقوط أى جاسوس أو عميل مهما كانت خطورته ومكانته لا يساوى عشر معشار سقوط رجل مخابرات في يد العدو ويقيم الخبراء سقوط رجل المخابرات بعمل عامين كامين كاملين لو تمكن الجهاز العدو من استخلاص المعلومات منه
وفى الحرب العالمية الثانية تمكن جهاز المخابرات الألمانى من الإيقاع برجلى مخابرات من رؤساء الأقسام في المخابرات البريطانية وكان من جراء ذلك أن قامت المخابرات البريطانية بتغيير أسلوب عمل الجهاز وتقسيمه وتغيير كافة عملاء الجهاز وكانت خسارة فادحة للبريطانيين مات في إثرها رئيس الجهاز من قوة الصدمة ,
وعملية الزرع في قلب العدو من الممكن أن تتم لجاسوس أو عميل وأيضا من الممكن أن تتم لرجل مخابرات عامل
,
ومن أمثلة الجواسيس رفعت الجمال , ومن أمثلة الضباط العاملين إيلي كوهين رجل المخابرات الإسرائيلي الذى تم زرعه في سوريا وكشفته المخابرات المصرية عن طريق رفعت الجمال نفسه وتم إعدامه في دمشق ,
وهناك معلومة جوهرية ينبغي للقارئ أن ينتبه لها ,
وهى أننا في حديثنا عن طرق التجنيد والزرع إنما نتحدث عن الأساليب القديمة التي بطل إستخدامها منذ ثلاثين عاما على الأقل ولا يستطيع أى كاتب أو محلل أن يتحدث عن أسلوب من أساليب الزرع إلا إذا كان هذا الأسلوب قد استغنت عنه أجهزة المخابرات منذ وقت طويل لأنه من المستحيل الوصول للأساليب الحديثة ,
فمثلا :
كانت عملية تجنيد العملاء في الستينات والسبعينات تعتمد على استقطاب العملاء بطريق خداعهم وإيهامهم في البداية أن يعملون لحساب مؤسسات صحفية أو شركات عابرة للقارات تحتاج لمعلومات اقتصادية وما شاكلها , وبعد أن يتورط العميل تتم مصارحته بأنه يعمل لحساب جهاز مخابرات وتتم السيطرة عليه عن طريق خط يده في المعلومات التي أرسلها وشيكات المقابل المادى التي حصل عليها ,
وهذا الأسلوب بطل استخدامه واستهلكت السينما والروايات وغيرها ,
أما الأساليب الحديثة للتجنيد فالله أعلم بطرقها اليوم ,
نعود لعملية زرع العملاء وهى على وجهين
إما الزرع لعملاء وطنيين يضحون بحياتهم لخدمة أوطانهم وهؤلاء في حالة نجاحهم يتم تأمين مستقبلهم ومكافأتهم وتكريمهم بعد الاعتزال مثلما حدث مع الجمال ومع أحمد الهوان (
جمعة الشوان
) ومع ليلي عبد السلام (
سامية فهمى
)
وإما عن طريق التجنيد المباشر لعناصر خائنة لأوطانها وهؤلاء تقتصر مكافأتهم على الأموال فقط مثل الدكتور إ
سرائيل بيير
مستشار وزارة الدفاع الإسرائيلية الذى جندته المخابرات السوفياتية وكانت مصر تعلم بهذا التجنيد وجندت هى بالمقابل عشيقته (
ريناتا
) التي نقلت لنا كافة معلومات إسرائيل بيير , أى أنه كان يعمل لصالح المخابرات المصرية دون أن يدرى !
وبالنسبة لعملية زرع العملاء الوطنيين فهذه تخضع لمقاييس تخطيط عالية التركيز حيث يتم اختيار شخصية مناسبة ليتقمصها العميل الذى يتم زرعه في المجتمع المرغوب فيه ويتم تأهيل وإختراع تاريخ مناسب له لتغطية شخصيته الأصلية
مع الوضع في الإعتبار أن يكون هذا التاريخ مقبولا منطقيا وله أدلة ظاهرة حال التحرى عنه
وقد نفذت المخابرات المصرية هذا الأمر بالنسبة لرفعت الجمال وعمرو طلبة وعشرات غيرهم وتم دسهم في المجتمع الإسرائيلي بتاريخ ملفق بمنتهى البراعة
فالنقيب عمرو طلبه
تم زرعه على أنه يهودى مغربي يحمل اسم
موشي زكى رافي
وتم تجنيده في الجيش الإسرائيلي كأحد شباب إسرائيل وظل هناك منذ زرعه وحتى قيام حرب أكتوبر حيث ضحى بنفسه وكشف هويته عندما علم بقيام الحرب فعليا وراسل مصر على الموجات المفتوحة وظل يرشدهم إلى نقاط ضعف العدو في قلب سيناء والتى تم نقلها للقوات الجوية المصرية مما حقق لها هذا النجاح الساحق في ضرب مراكز قيادة العدو ,
واستشهد عمرو طلبة الذى رفض مغادرة موقعه وفق خطة تأمينه وفضل أن يبقي وسط النيران لإرشاد الطائرات المصرية حتى استشهد رحمه الله
أما
رفعت الجمال
فقد تم زرعه عن طريق اختراع شخصية يهودى مصري من المنصورة يحمل اسم جاك بيتون وزرعته المخابرات المصرية في اليهود المصريين وتمت مطاردته من الشرطة المصرية فعلا وواقعا وتمكن هو من الهرب حتى قام اليهود بمعاونته على الفار من مصر ودخل إسرائيل على هذا الأساس
وفى إسرائيل قامت الموساد بالتحريات الدقيقة عنه ووجدت أن قصته كلها حقيقية تماما !
وهذا يشي بمدى براعة عملية صياغة ماضي رفعت الجمال باعتباره شخصية يهودية تماما ,
وكان عبد المحسن فائق وحسن بلبل ضابطى المخابرات الذين أعدا العملية بالغى البراعة في تدريب رفعت الجمال على نسيان شخصيته تماما وتقمص الشخصية اليهودية إلى درجة النخاع وكانا يعتمدان على موهبتهما في ظل نقص الخبرات لديهما في ذلك الوقت فكان تدريب رفعت يصل لدرجة إعادة التدريب عند حدوث أى خطأ عفوى منه ,
فمثلا لو ناداه أحد الأشخاص باسم رفعت وعلى نحو مفاجئ واستجاب رفعت للنداء كان التدريب يُعاد حتى ينسي رفعت اسمه الأصلي ولا يرد ـ
ولو بطريقة عفوية ـ
على اسمه لو تم نداؤه به ,
هذا فضلا على السرية التامة حتى أن حقيقة العملية لم يتم كشفها خارج الجهاز ولا حتى على سبيل المعاونة فتم تعريض رفعت الجمال لخطر مطاردة الشرطة حقا وواقعا باعتباره يهوى مشاغب وتم تدريب رفعت على طرق الفرار منهم
وفى إسرائيل بعد أن تم الزرع فعلا صدرت الأوامر لرفعت الجمال بأن يلتزم السكون التام فلا يقوم بأى نشاط تجسسي لمدة معينة حتى يتم تثبيت أركان شخصيته الجديدة وحتى تمر فترة تحريات الموساد عنه بسلام ,
وهى الطريقة التي تمت معرفتها فيما بعد بأسلوب (
الجاسوس النائم
) وهى المرحلة من مراحل عملية الزرع حيث يظل الجاسوس كامنا بلا أدنى نشاط لفترة محسوبة ثم يستيقظ أى يبدأ نشاطه ,
وبعد مرور ثلاث سنوات على زرعه وبعد أن نجح رفعت الجمال في الحصول على معلومات الهجوم الإسرائيلي خلال العدوان الثلاثي قبل موعده بثلاثة أشهر كاملة ,
تم اتخاذ القرار بضرورة ترقية تدريب رفعت الجمال وهى الفترة التي تولى تدريبه فيها اثنان من أكفأ وأخطر رجال المخابرات في مصر وهما
محمد نسيم
( نديم هاشم )
ورفعت جبريل
( الرجل الذى كان ملقبا باسم الثعلب وقدم شخصيته نور الشريف في مسلسل شهير حمل اسم الثعلب تحت اسم مستعار وهو شوكت فهمى )
واستمر تدريب رفعت على مراحل نظرا لتصاعد خطورته وبعد أن تم تكوين شبكته التي كانت لها أعظم دور خلال حرب أكتوبر وبلغت تدريبات رفعت الجمال حدا جعله يبلغ مستوى ضابط الحالة أى رجل المخابرات المحترف ,
هذه باختصار إجابة سؤالك
الصفحة الشخصية بموقع فيس بوك
القناة الخاصة بيوتيوب
رد مع الإقتباس