الموضوع
:
العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
عرض مشاركة واحدة
11-12-2019, 12:53 PM
المشاركة
178
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 6
تاريخ الإنضمام :
Feb 2009
رقم العضوية :
6405
المشاركات:
25,776
رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
وأما الآخر فإنه يوجه إليهم من يعتقد له الحجة بإعطاء ما يطلبون، وبذل ما يسألون، فإذا سمت الفرق بقرانها له، وجنح أهل النواحي بأعناقهم نحوه، فأصغت إليه الأفئدة، واجتمعت له الكلمة، وقدمت عليه الوفود، قصد لأول ناحية بخعت بطاعتها، وألقت بأزمتها، فألبسها جناح نعمته، وأنزلها ظل كرامته وخصها بعظيم حبائه، ثم عم الجماعة بالمعدلة، وتعطف عليهم بالرحمة. فلا تبقى فيهم ناحية دانية، ولا فرقة قاصية، إلا دخلت عليها بركته، ووصلت إليها منفعته، فأغنى فقيرها، وجبر كسيرها، ورفع وضيعها، وزاد رفيعها، ما خلا ناحيتين: ناحية يغلب عليهم الشقاء، وتستميلهم الأهواء، فتستخف بدعوته، وتبطئ عن إجابته، وتتثاقل عن حقه، فتكون آخر من يبعث، وأبطأ من يوجه، فيضطمر عليها موجدة، ويبتغي لها علة، لا يلبث أن يجدها بحق يلزمهم، وأمر يجب عليهم، فتستلحمهم الجيوش، وتأكلهم السيوف، ويستحر فيهم القتل، ويحيط بهم الأسر، ويفنيهم التتبع، حتى يخرب البلاد، ويوتم الأولاد. وناحية لا يبسط لهم أماناً، ولا يقبل لهم عهداً، ولا يجعل لهم ذمة، لأنهم أول من فتح باب الفرقة، وتدرع جلباب الفتنة، وربض في شق العصا. ولكنه يقتل أعلامهم، ويأسر قوادهم، ويطلب هرابهم، في لجج البحار، وقلل الجبال، وخمر الأردية، وبطون الأرض، تقتيلاً وتغليلاً وتنكيلاً، حتى يدع الديار خراباً، والنساء أيامى. وهذا أمر لا نعرف في كتبناً وقتاً، ولا نصحح منع غير ما قلنا تفسيراً.
رد مع الإقتباس