الموضوع
:
يبلغ لمن يهمه الأمر
عرض مشاركة واحدة
08-05-2010, 03:19 PM
المشاركة
7
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 5
تاريخ الإنضمام :
Jan 2007
رقم العضوية :
2765
المشاركات:
4,272
رد: يبلغ لمن يهمه الأمر
طاقة تقدير .. للمرأة العربية
د . لطفي زغلول
منبر المقالة
بداية لا بد لي في يوم المرأة العالمي ، أن أبعث ببطاقة تقدير وإكبار للمرأة العربية
بعامة في كل الجغرافيا العربية احتراما لدورها المقدس ، باعتبارها قلب المجتمع العربي
النابض في كل الإتجاهات . وهنا فإنني أخص المرأة الفلسطينية بتحية إكبار وإجلال
لكفاحها وصمودها وتضحياتها المستدامة ، وهي تتصدى لأعتى التحديات الإحتلالية
وأشرسها . أحييها أما ، زوجة ، أختا ، بنتا ، ربة بيت ، عاملة ، طالبة علم ، أسيرة في
معتقلات الإحتلال . وأدعو الله أن يتغمدها برحمته الواسعة شهيدة مأواها جنة الرضوان .
الثامن من اّذار / مارس من كل عام . إنه يوم المرأة العالمي . وهو يوم في حقيقته مكرس
لإبراز منظومة التحديات التي كانت ولا تزال شرائح عريضة من نساء العالم يشعرن أنهن
يواجهنها على كافة الصعد الحياتية ، وفي المقابل استعراض إنجازات ومكاسب حققتها
المرأة على مدى عام منصرم ، أو أهداف ما زالت تسعى لترجمتها على أرض الواقع ، وقد
وضعتها نصب أعينها بغية تحقيقها .
والواقع أن هذا اليوم يخص كل النساء في العالم ، ويبحث قضاياهن المختلفة بصورة عامة
، والمرأة العربية تحتفل به كونها جزءا من المنظومة النسائية العالمية . وليس ثمة ما
يحول دون الإحتفال به على المستوى العربي بعامة ، والفلسطيني بخاصة مع الأخذ بعين
الإعتبار خصوصية المرأة العربية .
إنه ليس بالضرورة أن كل ما تعانيه ، أو تحلم به وتسعى المرأة الأوروبية أو الأميركية ،
أو سواهما إلى تحقيقه من أهداف يمكن أن ينطبق بحذافيره على المرأة العربية في
العالم العربي ، حتى وإن كانت بعض المشكلات والأهداف قد تقاطعت ، فلا يعني هذا أنها
كلها تتقاطع ، نظرا لاختلاف مخرجات الفلسفة العامة التي تدين بها المجتمعات الإنسانية
المختلفة . وفي اعتقادي أنه من السابق لأوانه الحديث عن مظلة العولمة الشمولية في هذا
الصدد .
إن الواقع العربي فيما يخص المرأة العربية يفرض أن يُفرز لها يوم عربي خاص بها تحتفل
به بغية إبراز قضاياها مباشرة في قلب الساحة العربية ، وليس على هامش احتفالات العالم
بهذا اليوم ، ولا يعني هذا عدم المشاركة فيه . ومرة أخرى لا يعني هذا الطرح الإقلال من
قيمة المرأة العربية ، أو الإنتقاص من قدرها لا سمح الله ، وإنما تهيئة ساحة عربية خاصة
بها وبقضاياها في عقر العالم العربي ، وبين مواطنيه أصحاب الشأن .
وبداية يجب الإقرار أن هناك قضايا ساخنة تخص المرأة العربية بعامة ، والفلسطينية
بخاصة لا ينبغي السكوت عنها ، أو الإلتفاف عليها ، أو حتى تجاوزها . ولعل أهمها
وأخطرها أن لا يظل المجتمع العربي مجتمع رجال فقط ، وهي قضية تخضع للمتغيرات في
العالم العربي ، وتسير في اتجاه إيجابي مقارنة مع فترات سابقة .
في هذا السياق ، لا أحد ينكر أن المرأة العربية ، قد حققت إنجازات ومكاسب كثيرة في
العديد من المجالات . إن المرأة العربية قد أخذت تنطلق إلى آفاق لم تكن تتسنى لها في
السابق . وهي انطلاقة تقضي ولو شيئا فشيئا على بؤر التباين والتفاوت في المكانة
والحقوق العامة بينها وبين الرجل .
وجراء تطور في النظرة العامة للرجل العربي تجاه علاقته بالمرأة على خلفية عدة
اعتبارات : أهمها التعليم والمكتسبات الثقافية واتساع مساحة الوعي العام ، وبهذا الصدد
لا يمكن التغاضي عن منظومة الموروث العقائدي الذي تلعب دورا هاما هي الأخرى فيه .
وهنا لا ينبغي التركيز على الرجل ، باعتباره العنصر المانح تأشيرة مرور للمرأة ، دون
ذكر إنجازات حققتها المرأة العربية في مجالات التعليم والثقافة والوعي العام لحقيقة
شراكتها ، ودورها في تطوير المجتمع .
إذ لولا هذه الإنجازات لظلت المرأة العربية حبيسة جدران التخلف التي كانت مفروضة عليها
ردحا من الزمن ، وتحديدا فيما يخص الحقوق السياسية كحقها في تقلد المناصب السياسية
في مؤسسات السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية . فنضال المرأة هنا مشروع
ويفترض ألا يعترض عليه أي معترض ، ومع ذلك ننوه أن المرأة العربية لا تشكو وحدها
هذا الوضع بل هي ظاهرة ملحوظة حتى في أرقى دول العالم المتحضر .
في مجمل حقوق المرأة بشكل ، عام فلا ينبغي أيضا تناسي أن للمرأة وضعا فسيولوجيا
يحد من قدراتها مقارنة بقدرات الرجل ، ولكن بشرط أن لا يصل الأمر إلى التفرقة في
الحقوق الأساسية ، أو إلى حد حرمان المرأة العربية من حقوقها السياسية كاملة . وبهذا
الصدد ثمة مقولات كثيرة مشكوك بالنوايا التي تقف خلفها والتي تتمثل في اللمز والغمز
على كل ما هو شرقي يمس بمكانة الرجل العربي أو الشرقي بشكل عام .
إن القضية لا ينبغي أن ينظر إليها من زاوية أنها معركة بين الرجل والمرأة . إنها ببساطة
متناهية منظومة حقوق مشروعة ، يمكن للمرأة أن تحصل عليها بأساليب متحضرة تكفلها
لها مستويات معقولة من التطور العلمي والثقافي . وهنا يتبادر سؤال ملح : لماذا يظل
العلم حجة الرجل في الإستحواذ على كامل الحقوق ؟ . إن العلم بالنسبة للمرأة هو سلاحها
للخروج إلى الحياة ، وعليها أن تشهره .
وهنا لا بد لنا أن نطرح بعض ما يفترض في اعتقادنا أن تكون عليه العلاقات بين الرجل
والمرأة في مجتمعنا العربي بعامة والفلسطيني بخاصة . فقضية حقوق المرأة لا ينبغي
لها أن تكون بأية حال من الأحوال مدعاة للتمرد أو التحريض المستندين إلى صراع على
خلفية جنسوية ، أو أن تكون تستهدف إبراز السلبيات دون الإيجابيات .
واستكمالا فليس بالضرورة أن ما تشعر به شريحة من النساء من" قهر وقمع " يمكن
تعميمه وتطبيقه على كل النساء . وفي اعتقادنا أيضا أن قضايا المرأة لا يمكن أن تحل
في معزل عن الرجل في جو من التشنج ، أو التعصب اللذين لا مبرر لهما والقائمين على
سياسة شد الحبال ، تغذيها جهات تتخذ من التعصب النسوي " الفيمانيزم " منهجا لها .
إن الحل هنا يفترض به أن يكون مشتركا ومبنيا على أسس من التفاهم . وهو بطبيعة
الحال تدريجي ويخضع للمتغيرات الثقافية والتربوية والتعليمية والإقتصادية والتوعوية
بشكل عام ، ومنوط بما تستطيع المرأة أن تحققه من إنجازات على أرض الواقع وعلى
كافة الأصعدة تثبت من خلالها قدراتها وكفاءاتها .
وهنا لا ينبغي إغفال نقطة هامة وحساسة للغاية ، تخص علاقة المرأة العربية بالمرأة
العربية . ففي كثير من الأحيان كانت المرأة سببا مباشرا لخذلان المرأة ، وعدم انطلاقها
إلى تحقيق أهدافها . ومثالا لا حصرا ، في قضية الإنتخابات ، والترشيح لعضوية المجالس
التشريعية ، أو النيابية ، حيث كان بالإمكان أن يكون لها من خلال حضورها دور فاعل
وحاسم في سن تشريعات وقوانين تناصر حقوقها .
ومع ذلك نؤكد هنا على حقيقتين . أولاهما أن دور المرأة الثلاثي الأبعاد المتمثل في
كونها زوجة وأما وربة بيت ، ومدى نجاحها فيه هو الأساس في مكانتها العامة دون أدنى
معارضة لمساهمتها في أطر القوى العاملة المنتجة الأخرى . وثانيتهما أن ما حصلت عليه
المرأة العربية خلال نصف القرن الماضي مثير للإنتباه ، ولا يمكن الإقلال من شأنه أو
أهميته ، والأهم من ذلك أنه غير متوقف عند حد من الحدود ، وأن مساحته العامة آخذة
بالإزدياد والتنامي مع الأيام .
إن معيار القوى الجسدية الذي كان يميز الرجل عن المرأة ، قد فقد مفعوله جراء كثير من
المتغيرات الحضارية ، ذلك أن ثمة قوى أخرى عقلية وإبداعية تلعب دورها ، ولا تميز في
جنس مبدعها ذكرا كان أم انثى . وتظل المرأة هي العنصر الأهم والأخطر والأشمل في
تربية الأجيال وتنشئتها وبخاصة الذكور منها .
وتظل بصماتها التربوية مطبوعة على ذاكرة هؤلاء الذكور ، وتتحكم في سلوكاتهم تجاه
كثير من الأشياء والمواقف والأشخاص . وأخيرا وليس آخرا ، إن المرأة العربية تستحق أن
يكون لها يوم عربي خالص يؤكد على عروبة قضاياها ووحدتها قبل عالميتها .
كلمة أخيرة . في يوم المرأة العالمي ، نتمنى أن يكون للمرأة العربية يوم عربي على
الأجندة العربية ، تكرس فيه فعاليات مساندة لكفاح المرأة الذي يجب أن يشارك الرجل
فيه ، بغية رفع مستواها في كافة النواحي ، ولجعل احترام حقوقها ومكانتها ثقافة
تسود المجتمعات العربية .
وهذه الثقافة لا يتسنى لها التكريس ، ما لم يبدأ بها من المرأة ذاتها . فهي الأقدر على
نشرها ، كونها هي العنصر الرئيس في تربية النشء ، وتشريبه القيم والإتجاهات
الصحيحة . ونحن هنا لا ننكر دور المدرسة والمناهج التعليمية ، ولا دور كل شرائح
المجتمع المثقفة .
إن المرأة هي روح المجتمع ، وبدونها يصبح المجتمع أحادي القطب . وبمعنى آخر فإن
تطور المرأة هو الذي يقضي على آفات التخلف ، ذلك أن المرأة شئنا أم أبينا هي
المقياس والمعيار الأساسيان لتقدم المجتمعات البشرية .
والمرأة قبل هذا وذاك هي الأم والأخت والإبنة والزوجة والحبيبة . وهي الجمال والرقة
بكل معانيهما وأشكالهما . وكل عام والمرأة العربية بخير وتقدم وازدهار ، والمرأة
الفلسطينية قد تحرر وطنها من الإحتلال البغيض ، وحققت كل ما يصبو له من سيادة وحرية
وتحقيق أهداف في ظل دولة عاصمتها القدس الشريف ، والعودة إلى الوطن .
مقالة في يوم المرأة من د . لطفي زغلول
رد مع الإقتباس