عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2010, 05:50 AM
المشاركة 181
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في وداع الإمام

أفاق المسلمون مذعورين صبيحة يوم الخميس على صوت الناعي ينعى إليهم فقيد الأمة الإسلامية وإمامها سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز – قدس الله روحه – فيا لفداحة المصاب، ويا لعظم الرزية.
لم تنع للأحياء غير ذخيرة *** ولت وغير بقية الكبراء
فاستبك هذا الناس دمعا أو دما *** فاليوم يوم مدامع وبكاء
لقد استوثق الناس من أن القضاء قد وقع وأن أمر الله الذي لا مرد له قد نفذ وعندها طاف بهم طائف من الألم والأسى وغشيهم من الحزن ما غشيهم .
حتى إذا ذهب أثر المفاجأة وآن أوان الصلاة على الفقيد تجلد الناس للمشهد الحزين الذي قدروا أنفا شدته وقسوته.. واصطفت الجموع المكلومة لتلقي الوداع الأخيرة على جثمان إمامهم الراحل .. ولتلهج بالدعاء صادقة لذاك الطود الشامخ الذي هوى .. وتلاقت أعين الناس على منظر الجنازة المهيب الخاشع فهبوا واقفين واجمين كأن على رؤوسهم الطير حتى إذا حان وقت الدعاء على الفقيد تعالى بكاؤهم وتردد نشيجهم في سماء الحرم الآمن .
لكأني بجنبات بيت الله تئن على فراق الحبيب الراحل ، وكأني بحمائمه قد روعت فناحت . بل كأني بثرى مكة يشتاق لذاك الجسد الناحل .
روع البيت إذ نعيت إليه *** وبكى ركنه وناح حمامه
وأفاق الحجاز ذعرا ونادى *** نجد واستوفزت له أكمامه
وتمضي جنازة الشيخ وقد دثرت بعباءته المتواضعة تشق طريقها صوب مثواها وهي تموج في بحر من الزحام يذهب بها ويجيء، ويغيب ثرى مكة المباركة ذلك العالم الرباني وتطوى بذلك صفحة مشرقة ملؤها العمل والنصح للدين. لترجع بعدها جموع المشيعين أدراجها بعيون دامعة وقلوب متصدعة.
يا شباب المسلمين ويا أمل الأمة المرتقب : إذا أردتم السيرة المثلى التي تستفيئون بخطاها وتستنون بهديها فدوئكم حياة بقية السلف – ابن باز – في حياته دروس وعظات ، لقد كان – رحمه الله – قدوة في إنسانيته الرفيعة ، وعلمه الفذ ، وأبوته الرحيمة ، وغيرته اللاهية على دينه ، وبساطته الفطرية التي لم يفسدها زيف أو تكلف .
وها هي الأيام ذوات العدد تنقضي على وفاة الإمام ولا حديث للناس إلا كريم شجاياه ونبيل شمائله.
غدا سيذكرك الزمان ولم يزل *** للدهر إنصاف وحسن جزاء
إنا لا نجد ما يسري عنا لوعة الفقد وألم الفراق إلا أن نلوذ بالله ضارعين أن يربط على قلوبنا وأن يفرغ علينا صبرا من عنده.
اللهم إن عبدك – ابن باز – قد وفد إليك فأكرم وفادته وأحسن مثواه.
اللهم إنا نحبه فيك فأحبه، وارفع في المهديين درجته.
جواهر بنت سليمان المهنا
مجلة الشقائق العدد الحادي والعشرون .

~ ويبقى الأمل ...