عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2010, 05:29 AM
المشاركة 94
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عمل اليوم والليلة

هذا عرض موجز يسير لأعباء الشيخ ، وأعماله اليومية التي تقوم بها؛ وهذا واقعه الذي لا يوشك أن يتغير سواء في الرياض أو مكة أو الطائف : يبدأ يوم الشيخ- حفظه الله- في الغالب قيل الفجر ، حيث يستيقظ في الثلث الأخير من الليل ، ويصلي ما كتب الله له ، وبعد صلاة الفجر يحرص- حفظه الله- على قراءة أوراده حتى أنه لا يكاد يجيب أحدا حتى يقرأها ثم يبدأ الدرس ، حيث يقرأ عليه الأخوان من طلاب العلم وتلاميذه عدة كتب متنوعة ، وهو يشرح ويفصل ويستدرك ويعقب ويقيد ، لا يضجر من طول الدرس ، ولا يمل من كثرة الأسئلة ، هذا دأبه وشأنه حتى قبيل الساعة السابعة صباحا ، هذا إذ كان من أيام الدروس ، أما إذا كان في المسكن ، جلس للنظر في الاستفتاءات الواردة إلى مكتب البيت من مختلف الأرجاء والأقطار ، والمعاملات المحالة إلى مكتب البيت من قبل سماحته ، ثم ينظر في طلبات المستشفعين وأصحاب الحاجات ، فيوردها جميعا مواردها اللازمة ، وعلى هذا الأمر والنسق حتى يحين موعد دوامه الرسمي قرابة الساعة التاسعة صباحا فإذا ما وافى مقر الرئاسة ومكتبه وجد المراجعين يمثلون الأمكنة المعدة لهم بانتظاره ، فيحييهم ويستقبلهم ويصافحهم ويعانقهم ، ثم يأخذ مجلسه وهو صدر المكتب .
الذي هو عبارة عن كراسي متعددة لا توجد طاولة بينها كغيره من المكاتب الأخرى لعدم حاجته لها ، حيث تعرض عليه المعاملات قراءة ليوجه مستشاره أو كاتبه بكتابة الشرح المناسب والرد على المعاملة فورا .
وخلال عرض المعاملات يستقبل سماحته الاتصالات الهاتفية التي غالبا ما تأتي من سائل يسأل عن فتوى أو قضية معينة تهم السائل ، ويرد على المتصلين بهدوء العلماء ويحرص على إقناع السائل قبل إنهاء المكالمة ، وما بين لحظة وأخرى نجد الناس يدخلون على سماحته طالبين أن يشهروا إسلامهم على يديه وتعليمهم أحكام الشريعة ومحاسن الدين الإسلامي ، وقد تكون هناك اجتماعات اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، فيحرص سماحته على رئاستها وحضورها ، فإن كانت صباحا ، استقبل المراجعين ظهرا ، إن كانت ظهرا استقبل المراجعين صباحا ، وهكذا يستمر المشهد حتى حلول موعد أذان الظهر حيث يذهب سماحته للصلاة في المسجد القريب من المكتب ، وربما عقب بعد الصلاة بكلمة وعظية جامعة تأسر كلماتها القلوب المؤمنة ، وتحس بين حروفها صدق النصح ، وأغلب تلك الكلمات ، تدور حول تفسير الآيات من القرآن وتدبرها وتأملها ، ويختم تلك الكلمات بأدعية جامعة مانعة في صلاح الإسلام ونصرته ، وصلاح البلاد والعبادة ثم يعود بعد ذلك إلى المكتب حيث يخصص ما بقي من الوقت حتى نهاية الدوام للمعاملات الرسمية ، والنظر في فتاوى الطلاق ، وطلب الشفاعة منه من المعوزين المحتاجين ، واستقبال الوفود من الدول الإسلامية ، والأقليات المسلمة ، ورؤساء الجماعات الإسلامية ، حتى قرابة الثانية والربع ظهرا ، حيث يحرص سماحته أن يدعوا الضيوف من الحاضرين لتناول الغداء معه في منزله العامر وبعد الطعام يجلس برهة قصيرة في مجلسه ، فيدعوا . بالقهوة فالشاي ، والطيب ، ويتحدث إلى جلسائه وضيوفه حديثا فيما يخص مصالحهم ، حتى يوافي موعد الآذان- أذان صلاة العصر- فيأخذ سبيله إلى المسجد القريب من منزله ، فيصلي فيه صلاة العصر ، ثم يقرأ عليه شيئا يسيرا من الأحاديث إما من كتاب التوحيد ، أو من كتاب رياض الصالحين ، فيعلق تعليقات علمية يسيرة على ما قرئ عليه مستنبطا الفوائد المهمة ، والقواعد الجامعة ، ثم يذهب إلى بيته لأخذ قسط من الراحة حتى حلول صلاة المغرب ، فإن كان ثمة درس له أو محاضرة بكر في الحضور إلى المسجد وحرص على أن يكون قريبا من محبيه وطلابه ، أما إن . لم يكن له درس أو غيره من الارتباطات فإنه يتوجه إلى مجلسه العام لعامة الناس وخاصتهم ، المقبلين للسلام عليه ، أو استفتائه في أمور الدين والدنيا؛ ويستضيفهم الشيخ فيسألون عن أحواله ، ويسألهم عن أحوالهم ، في جو مليء بالود والوفاء والتناصح والتشاور ، ويستمر هذا المجلس حتى يحين موعد صلاة العشاء ، حيث يتأهب سماحته والحضور للخروج من المجلس ذاهبين للمسجد . وفي المسجد خلال الفترة التي بين الآذان والإقامة يقرأ عليه إمام المسجد كتاب بلوغ المرام فيشرحه الشيخ شرحا علميا دقيقا ، ثم بعد ذلك يرجع إلى المنزل للنظر في بعض المعاملات الخاصة بالمساجد ، ولقاء بعض المهتمين بالدعوة وشئونها وشجونها ، ثم يتناول مع ضيوفه طعام العشاء ثم يخلد إلى مكتبته العامرة للقراءة في بعض الكتب ، أو النظر في بعض الأمور فلا يزال بين قراءة وإملاء وحديث نافع حتى وقت متأخر- فجزاه الله أحسن الجزاء- .
هذه صورة مقاربة ليوم الشيخ وعمله في اليوم والليلة ، وإنك- أخي القارئ- لربما يثيرك العجب والاستغراب إزاء هذه الوقائع والأعباء الجسمية ، التي تكاد لا تصدق أنها تصدر من سماحته ولكنها مع ذلك حقيقة واقعة ، وأمر لا شك فيه ولا امتراء ، ومن جرب الشيخ وعرفه عن قرب وكثب لربما رأى أكثر من ذلك ، فلا يهولنك الأمر ، فإنه فضل من بيده الفضل ، وهو ذو الفضل العظيم .

~ ويبقى الأمل ...