الموضوع
:
حَبَنْظَل بَظاظا
عرض مشاركة واحدة
04-05-2018, 07:41 AM
المشاركة
5
محمد مزكتلي
من آل منابر ثقافية
تاريخ الإنضمام :
Aug 2013
رقم العضوية :
12284
المشاركات:
34
حَبَنْظَلْ بَظاظاْ. الفصلُ
الخامس
.
رفةُ نوم كبيرةٌ وحمِيمِيةٌ، مفروشَةٌ بالطنافس والديباجِ والحرير
.
يوسطها سريرٌ كبير، ناعمٌ معطر، دافئٌ وَثير
.
جلست عليهِ امرأةٌ جميلةٌ جدّاً، ترتدي زياً فاضحاً جدّاً
.
أيها السادة: أُقدِّمُ لكم
نفسي وبكلِ فخر، أنا عسلُ الْتِين
.
أنا التي لقَّبني الجميع، بالأفعى تحت الْطِين
.
وكم أعجبَني هذا اللقَب، ولم أجدهُ مُعِيباً أو مُشين
.
فأنا أُحِبُ الحيّات، وأوُدُّ الأفاعي، وأعشقُ الثعابين
.
يكفي أنها لا تُصدرُ ضجيجاً يثيرُ الأعصاب، وتعملُ في هدوء
.
تقتربُ في هدوء، وتفتحُ فمَها في هدوء، وتقتُلُ في هدوء
.
وبرودتُها تُثيرُني جدّاً، وأجسادُها الناعمةُ الرطِبة
.
فقد سأِمتُ احتضانَ أجسادَ الرجال، الخشنةِ الملتهبة
.
لابُدَّ أنكم تتساءلون أيها السادة لِمَ أنا أُحدِّثُكم اليوم
.
ولا بُد أنكم تستنكرونَ وُقوفي أمامَكم بملابِسِ النوم
.
لَكنهُ لِباسُ عملي الرسمي، أو كما يسمى باليون فورم
.
وهَذا هو مقرُ حُكمي ، والذي أُديرُ منهُ شؤونَ القوم
.
فمن كان منكم رقيقَ القلب، مرهفُ الإحساس، فليَغُضَّ بصرهُ وينويَ الصوم
.
لقد جاءَ دوريْ في الحِكاية، سأرويها لكم بنفسي
.
حينَ كنتُ مع نخاسي في سوقِ النِخاسة، كنت أُمَنّي نفسي بصيدٍ كبير
.
مُعتقدةً بأنَّ فِتنَتي وجمالي، لن يقوى
على شِرائهما إلا وزيراً
أو أمير
.
لمّا وَقَفَ أمامي الحَبَنْظَل وأخذَ يتفحصَني
.
شعرتُ بالقرَفِ من هذا القَزَمُ الأفطَسُ الجاحظ
.
وأضافَ رعباً إلى قرَفي، لمّا سمعتهُ يوافقُ على دفعِ ثمنيَّ الباهظ
.
لم
تنفع مع
النخاس دموعي وتوسُلاتي
.
وباعني لهذا الحَبَنْظَل لأُصبِحَ جاريّته.
بعدها اكتشفتُ بأن القَدَر، قد هيَّأَ
لي هذا القِرد
.
لأدْوسَ عليهِ، وعلى أوَّلِ درجةٍ مِن سِلَّمِ المَجد.
فينبغي أن تكون الدرجةُ الأولى منخفضةً وقصيرة
.
لتتناسبَ مع قُدرات شابةٍ صغيرة
.
أنتم تعرفون أيها السادة كيفَ يتعاون اثنان على تَسَلُّقِ السور
يرفعُ الأوَّلُ الثاني، ثم يسحبُ الثانيُ الأول
.
وهنا يصِرُّ الرجل على رفعِ المرأة أولاً، بحجةِ
الخوفِ عليها
.
أما الحقيقة، فهيَ فرصةٌ ثمينة ،ليتسلى في فخِذيها
.
هذا أوَّلُ شيءٍ تعلَّمْتُهُ عَنْ سلوكِ الرجال
.
وكل ما تعلَّمْتُهُ لاحقاً، أكدَ لي بأنهم أطفال
.
والشارِبُ الذي يُشَوِّهُ وجوههم!.
لم يُثبِت رجولتَهم، بأي حال
.
أما نحن معشر النساء، فنثبتُ بأفعالِنا أننا نساء
.
ولا حاجةَ لنا لهذه
الخدعة البلهاء
.
ساقَني الحَبَنْظَل إلى قصره وقدَّمَني إلى
أُمِّهِ دَليلة
.
التي ما أن رأتْني، حتى أدركت كم هي حسْناءٌ دميمة
.
وصدِّقوا، لقد تركَني في تلك الليلة أنامُ لوحْدي
.
وأنا الفتنةُ بكلِّ معانيها
.
أسرعَ يندسُ في فِراشِ أُمِّهِ، ويَنامُ تحتَ
قدَمَيها
.
وقتها كان هذا الحَبَنْظَل فارساً في
سِلاحِ الفُرسان
.
وكم كنت أضحك، حينَ أراهُ على ظهرِ الحِصان
.
اقترحْتُ عليهِ أن يُبدِّلَ حِصانهُ بكلبٍ أو خنزير
.
لينسجِمَ الراكبُ مع المركوب، على أحسنِ تقدير
.
لكن دَليلة أنَّبتني على
الاستهزاءِ بالفارسِ بظاظاْ
.
وعلَّمَتْني كيف
أبيعُها كمأة وهي في حقيقتها بطاطا
.
لقد كانت لي دَليلة خيرَ مُعلِّمٍ ومُعِيْن
.
عَلَّمَتْني كيف أحني رؤوسَ المتغطرسينَ والمتكَبِّرين
.
كيف أرمي الشِباك، وأصطادُ العُظماء
.
كيف أغوي النُسّاك، وأصْرَعُ الأبطال، وأُجَندِلُ الأُمَراء
.
وساررتني عن رفضِ إرضاع ولدِها الوحيد
.
ليَبقَيا نَهدَيها منتفخينِ قاسِيَينِ، قَويَيِن
.
ويقْوَيا على حمْلِهِ ورفعهِ إلى المجدِ التَليد
.
فالنهودُ التي لا تُرضعُ سوى الرجال.
تتكورُ وتتدَوَّر وتزدادُ جمال
.
لابد أيها السادة أن الحَبَنْظَل ردَّدََ أمامَكم جملتهُ اليتيمة
.
وهي أن الرجلُ الذكي وراءَ كل امرأة عظيمة
.
وظني
بأنكم صدَّقتموهُ، و كعادتكم هَزَزْتُم برؤوسِكم تُوافوه
.
لا يوجد أيها السادة رجالٌ عُظماء
.
والعظمةُ بكلِ أشكالِها مُقتصَرَةٌ على النساء
.
المرأةُ تعرفُ تماماً ماذا يُريدُ منها الرجل
.
هيَ شفَتَين ونْهدَين، وفخِذين ورِدْفَين
.
أما الرجل، فَلا يعرفُ أبداً ماذا تُريدُ منهُ المرأة
.
فهيَ بنصفِ إرادة، ونصفُ شهادة، ناقصةُ عقلٍ ودِين
.
النساءُ
عرفنَ هذا، وفَضَّلنَ هذا
.
واخترنَ أن يمثلنَ دورَ الضعيفات القاصرات
.
وجذَّرْنَ هذا الاعتقاد في نفوسِ الرجال، ليظللن حاكِماتٍ مُسيطِرات
.
فكروا معي قليلاً أيها السادة
،
ما هو دورُ الديكِ بينَ الدجاجات؟.
ما الذي يَصنعهُ ذَكرُ النحلِ بينَ
الناحلات؟.
لماذا تُذْبَحُ الثيران ، وتُتْركُ البقرات؟
.
وهل أدركتم لماذا يُحاربُ الرجالُ عِلْمَ الاستنساخِ بضراوة
.
هوَ خوفَهم من يومٍ لن يكون لهم فيهِ أيُّ فائدةٍ أو ضرورة
.
مع ذلك، نحنُ النساء نُحبُّ الرجال...نُحبُّهم كثيراً
.
لا لأنهم يجعلونا حوامل
!
بَل لأنهم يقدمون لنا أجَلَّ الخَدَمات بلا مُقابل
.
فكل ما يجمعهُ الرجالُ من مالٍ وأشياء
.
يرمونهُ صاغرين في أحضانِ النساء
.
يختنقون في مَناجِمِ الذهبِ والألماس
.
لنلبسه في أيدينا وأعناقنا، ونَغوي بهِ الخَدَمَ والحُرّاس
.
يخوضون المَعارك، يَقتلونَ ويُقْتَلونْ ليحرِزوا الانتصارات
.
ليهدوها
إلينا ونحن على أسِرَّةِ الحريرِ مضطجعات
.
ولا يهمُّنا أيّاً منهم، كانَ الغالبُ أو المغلوب
.
هو في النهايةِ رجل، وهَذا هو المطلوب
.
ما أتعسَ الرجال!؟...يُكابِدون الذلَّ والهوان.
لأجلِ لذَّةٍ عابرةٍ نقضيها
لهم في ثوان
.
الرجالُ لا يجدون
لإنجازاتهم أيَّ
طعمٍ
أو معنى
.
إن لم تمدح هذه المُنْجَزات امرأةٍ جميلةٍ تحبهم
.
تجلسُ أمامَ أقدامِهم، وتُدلِّكُ لهم سْيقانهِم وأفْخاذهِم
.
وتمجِّدُ مآثرَهُم بالرقصِ والغناء
.
كم من رجالٍ صَدَّعوا رؤوسَنا بعظيمِ مُنجَزاتِهم
.
وألَّفوا كُتُبَ التاريخ، ليُخلِّدوا أسمائَهُم
.
ولا يخفَى على كل مُصدقٍ أو مُماحِك
.
بأنَّ أسمائَهُم ارتبطت دائماً بأسماءِ من جعلوهم كذَلك
.
الإسكندرُ العظيم، وكليوباترا الجميلة.
نابليون بونابرت وجوزفين النبيلة
.
هتلر المجنون وإيفا بْرْاوْن الغبيَّة.
وحَبَنْظَل
بَظاظا وعسلُ الْتِْن الذكية
.
إن العنوانَ أيها السادة، يشيرُ بجلاءٍ لصاحبِ الفضْلِ على
الآخر
.
فخدعتُ الشارب، سترفضُ أن يرِدُ اسمهُ بعدَ الآخر
.
والفاعلُ يصبحُ مجهولاً، حين يتعدَّا عليه المفعول
.
وسُلطانَنا
المُعَظَّم صاحب المجد والسلطة والسطوة.
ما هو في الحقيقةِ إلا مفعولاً بهِ بِنونِ النسوة
.
لا علاقةَ لهُ بكل ما وصلَ إليهِ من مراتبٍ جليلة.
فأنا من كانت ترفَعُه، بمعاوَنةِ أُمِّهِ دَليلة
.
وما فتِأتُ أشفقُ على هذا المسكين.
الذي كان زاهدً بكل ما نفعلُ لهُ.
لأنهُ، ولحُسْنِ حَظّي، عاجزٌ عنّين.
لا رغبةَ لهُ في النساءِ، ولا يَرقنَ له
.
فمن هي التي ستجلسُ أمامَ قدَمَيه.
وتُدلِّكُ لهُ ساقيهِ وفخذيه.
وتمجدُ سلطانَهُ بالرقصِ والغناء
.
وللحديثِ تتِمة
.
رد مع الإقتباس