رثاء
قطَّعَ القلقُ أوصالَ ساعتينِ من نومي
أفقتُ متعباً كالعادة
أدَّيتُ صلاتي وشيطانُ الشعرِ يشاركني
أعراضُ قصيدةٍ تراودني عن نفسي
منذ أكثرَ من عام
قميصي صارَ مِزقاً من جميعِ الأطراف
كسلي والبردُ القارسُ يمنعانني
أنْ أمارسَ معها الحب
حتى لو تشدَّقَ المتفيهقون وقالوا:
واقعَ قصيدةً عصماءَ بكراً
كانت مِطواعة
أدَّتْ فروضَ الحب كاملةً بين يديه
سفحَ عذريَّتها على قراطيسِ جنونه
المادحونَ
والناقدون
والمحبون
والكارهونَ
آخرُ همِّي .. كلهم سواء
خرجتُ والصقيعُ يغطي كلَّ شيء
موعدي الاختياري الصباحي مع المقبرة
المكانُ الأكثر حياةً في هذه القرية
أناسٌ أعرفهم
أو سمعتُ عنهم
أو أجهلُهم
كلهم سواء
فجارٌ وأبرارٌ في تربةٍ واحدة
الأرضُ أمٌّ تنبت كلَّ شيءٍ
وتحتضنُ جميعَ أبنائها
أمي ليست هناك
لم أزُرْها منذ زمن
هي لا تعتبُ عليَّ
أعرفُها
تعتذرُ عني لنفسها
تبررُ حتى أفدحَ آثامي
وصلتُ مدرستي
الزمنُ واقفٌ على قدمٍ واحدةٍ لثلاثين
عاماً في هذا الشارعِ العتيقِ
قدرٌ ما أحكمَ قيودَه
بعض اللَبِناتِ حافظتْ على بثورها
كل هذه السنوات
رغم البردِ القارس
عند بيتنا القديم
خلعتُ ثيابي
لبستُ صدريتي الترابية*
رائحة السمنِ** تضربُ أنفاسي
انتظرتُ بشغفٍ عينيها تودعني بلُفافتينِ
من السمن والسكرِ
ولدي : هذه لصديقكَ والثانيةُ لك
امرأةٌ طيبة
مساحيق التجميل حاولتْ أن تأخذ معها
ألفَ موعدٍ ورفضتْ
ليسَ تجاهلاً ولا كِبراً
جلالُ حيائها
وانشغالها بتسريح شعري فقط
جمالها*** يكمِّمُ الأفواه
ويكتمُ الأنفاس
ليس ذنبي أنني أبكي في حضرةِ الجمالِ
البارعِ سيدتي
أورثتِني البكاءَ
واستأثرتِ بالجمالِ كلِّه
أتذكرين ؟؟
6-2-2010
* اللباس المدرسي في تلك الأيام
** الوجبة المفضلة لأبناء المدارس
السمن الحموي والسكر حينها
*** أنا آمنٌ على نفسي من الرجم
بتهمة إفشاء المعلومات العسكرية
كون والدي (أطال الله عمره)
لا علاقة له بصفحات الشبكة