الموضوع: حكمة و فرجة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-13-2016, 05:24 PM
المشاركة 19
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سكّرهم و سكّرنا


ذات يوم قال الطّبيب لجدي رحمة الله عليه "طاح سكّرك" أي أن مقدار السكّر في دمه قد تضاءل ، جاءني جدّي و الخيبة تعلوه ، يا بنّي ، بيني و بين السّكر أحقاب يا ولدي ، ما سقطت منّي و لو قطعة ، و لا كسرت قالبا منذ زمان لتصيبني لعنة السّكر ، حاولت أن أشرح لجدّي ما يعنيه الطبيب فردّ، أنت أيضا لا تصدّقني كما الطبيب رغم أنّني حلفت له ، و الله يا بنيّ لم تسقط منّي قطعة سكر واحدة ، وأنت تعلم هذا .
في الغالب المصابون بالسّكري تزداد عصبيتهم كثيرا ، إلى درجة أنّهم لا يتحكمون في غضبهم ، يوما دافعت عن أحدهم و قلت لغريمه ، لا تأخذ كلّ ما يقول على محمل الجدّ فصاحبك فيه سكّر ، ردّ عليّ بغضب ، أنا بي شاي و نعانع ، فآن الآوان لتشرب كأسا معتّقة . هي العصبية موضة العصر ، كما السخرية و السّكري ، صديقي جاء من بلاد الغرب ومن إيطاليا تحديدا ، وضعت أمامنا صينية الشاي ، فاجأني ، أريده بلا سكّر ، كنت أعتقد أنّ الأمراض هناك لن تجد إلى أجسادهم سبيلا ، كما اعتقدت أن سكّرهم لن يشبه سكّرنا ، فلربّما تحولت عصبيّتهم إلى ضحك مجنون ، من يدري ، و ربما تعلّموا التّحكّم بأعصابهم كما نسبة سكّرهم ، لكنّ صديقي هذا ، لم تتغير طباعه ، فلا يزال عصبيّا كما كان و ربّما ، أضيفت إلى عصبيّته بعض رفعة تثير عصبيّتي و ما أحبت لواحد من أصدقائي أن تتسلل إلى شخصه ، يحكي صديقي عن خصام حدث له مع أحد الزبناء مثله و هما يسرعان نحو التّاكسي ، تحاورا وتناقشا . هناك في الغرب يتصايح النّاس و يقولون ما في جعباتهم دون تحرّج ثم يذهب كلّ إلى حال سبيله و لا يستعمل أي منهما شرع يديه ، هكذا فعل مع زميله في التّاكسي لكنّه تفاجأ بنزول لكمة غريمه على أنفه فغاب عن الوجود و ما كان ليستفيق لولا أن عطّره أحدهم بالرّيحة ، كاد الضّحك يغلبني عندما قصّ عليّ مصابه ، فعرفت أن الغرب علّم صديقي بعض السذاجة أيضا ممزوجة بالسّكر .
عافانا الله و إياكم من شرور الحلاوة ، و يومكم سكّر على سكّر .