عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2016, 09:23 AM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
ورد في عناوين الصحف اليوم "بري والحريري يدعوان الي تجنب الفتنة"

وورد في العناوين أيضاً " هربوا من مزبلة عكار وعلقوا في مقدونيا "

لكنهما عاجزان عن عرض حل ... أليس كذلك ؟

وها هو الياس خوري يبحث عن حل ويرى بان بداية الحل تكمن في اختيار زبال رئيسي ل لبنان ولو ان خلاصة حديثه يؤشر الي الأزمة وتشعبها فما هو الحل اذا ؟



لبنان يبحث عن زبّال؟
الياس خوري
february 29, 2016

هذه هي حقيقة الأزمة السياسية الراهنة في لبنان. كل الكلام عن أزمة رئاسية وحكومية وتشريعية هو مجرد استعارة. السؤال اللبناني الكبير ليس هنا. كلنا نعلم أن القوى السياسية اللبنانية لا تملك شيئاً من أمرها. فالأمر لصاحب الأمر سواء أكان في طهران أم في الرياض. الأزمة ليست بين لبنان والسعودية، بل بين الرياض وطهران. والمسألة أن القوى السياسية اللبنانية أرتضت أن تكون مجرد متاريس أو خنادق في هذا الصراع. حتى حزب الله الذي يتصرف كقوة اقليمية عسكرية ليس سوى ملحق باللاعب الايراني. لا تبرير لبنانياً للتدخل العسكري لحزب الله في سورية رغم كل ما قيل ويقال. اذ لا يعقل أن تهاجم قوة مسلحة لبنانية الثورة السورية، الا اذا كانت تعمل لحساب قوة أكبر… وهنا ايضاً يصحّ الشعار الذي أطلقه الحراك المدني اللبناني: «كلهم يعني كلهم».
بدل اضاعة وقتنا في تحليل مواقف القوى السياسية والطائفية اللبنانية الذي يقود إلى لا مكان، تعالوا نحاول تحليل المواقف الدولية والإقليمية. وهنا سنصطدم بالمشكلة الأكبر، فنحن نستخدم ادوات التحليل السياسية والاجتماعية التي انتجها القرن العشرون، لكننا نكتشف أن هذه الأدوات لم تعد صالحة للاستخدام، لأن ما يجري في المنطقة العربية وفي الاقليم برمته يعيدنا إلى القرن التاسع عشر، حيث تشكلت «المسألة الشرقة» على ضفاف انهيار «الرجل المريض»، في مرحلة الاعداد لدفن السلطنة العثمانية. يومها لم يكن سكان هذه البلاد طرفاً في المعادلة، كانوا اما على الهامش أو ضحية استخدام وظيفي. أي أن منظومة المسألة الشرقية كانت في المراكز الأوروبية التي تتصارع على تركة العثمانيين.
عدنا إلى سياسات القرن التاسع عشر بعد تراجع الثورات العربية وتآكلها، وها نحن اليوم أمام العجز الكامل عن المشاركة في رسم ملامح بلادنا. ماذا يجري في سورية اليوم؟ لا أحد يملك جواباً يقينياً، فالجواب عند روسيا وامريكا، وهو عند القوتين العظميين المتحالفتين- المتصارعتين ليس واضح المعالم، بل أغلب الظن أنه يتشكل تجريبياً ويتخذ ملامحه ببطء، من دون أن يعني ذلك أن سورية ستصل بشكل حتمي الى نهاية حروبها الطاحنة.
نحن كأسلافنا لسنا طرفاً في المعادلة كي نفهم، حتى القوى الاقليمية الكبرى: ايران وتركيا واسرائيل والسعودية، عاجزة عن المشاركة في صنع القرار النهائي، لذا تلعب في هوامشه المتاحة.
اليس غريباً ومستغرباً أن نجد أنفسنا، في زمن العولمة وحرية الوصول إلى المعلومات، وقد عاد بنا الزمن مئة سنة او أكثر إلى الوراء، وكأن ما أطلقنا عليه اسم «عصر النهضة» قد اختفى عن شاشة الذاكرة، ومعه اختفت لغة الحركة الوطنية العربية التي ناضلت من أجل الاستقلال والحرية؟
اذا كان هذا الافتراض صحيحاً فإن ما يسمى بالأزمة اللبنانية ليس سوى هامش صغير في خريطة تتمزق. من هنا لا جدوى من النقاش، فأصحاب المشروعين الاقليميين لا يقدمون لنا سوى وصفة للتفكك. فحين تصير الممانعة طائفية، وحين يصطبغ شعار «لبنان أولاً» بطائفية مقابلة، نكون في اللاسياسة، أي في عدم القدرة على الوصول إلى تسوية داخلية، تقي سكان هذه البلاد من الوقوع مرة ثانية في مصيدة الموت.
صحيح أن لبنان لا يزال خارج الحرب الأهلية المسلحة، لكنه يعيش حربا أهلية من نوع آخر، عنوانها هو تفكك الدولة وانهيارها. وليست مشكلة النفايات الا رمز هذا التفكك. في العادة يلجأ الأدب إلى الاستعارة كي يصف واقعاً سياسياً واجتماعياً معيناً، وهذا ما فعله الكاتب المصري أحمد ناجي في روايته «استخدام الحياة». لكن الاستبداد أبى أن يبقى الكاتب في عالم الاستعارة، فرماه في الحقيقة حيث صار السجن شكلاً للوطن. أما أن تلجأ السياسة إلى الاستعارة محولة النفايات التي تخنق الناس منذ ثمانية أشهر إلى رمز مبسّط عن انهيار الدولة، فهذه سابقة «أدبية» لبنانية، تضاف إلى عبارة سعيد عقل التي دعت إلى «لبننة العالم»!
السياسة اللبنانية تعمل وفق نموذج رمزي، لا شيء حقيقياً في سياسات هذا الوطن الصغير. محاولة كسر هذا الوهم اللبناني في السنوات الأخيرة، التي تجسّدت في الحراك الشعبي- الشبابي لمقاومة رائحة النفايات أصطدمت بجدران السلطة ودهاليزها. فأحبط الحراك بفعل تحالف السنية السياسية مع الشيعية السياسية من جهة، ولأن الحراك كان عاجزاً عن تنظيم نفسه في مشروع سياسي للتغيير، من جهة ثانية.
نعود إلى الموضوع الوحيد الذي اعتقد الحـــــراك الشبابي أنه سيكون مدخلاً إلى وعي ســـــياسي جديد، وهو ليس موضوع مصير الاقليم أو الصراع على سورية أو غيرها من المسائل التي صارت جزءاً من «المسألة الشرقية». انه موضوع الزبالة.
اذا صرخنا أن الزبالة تفترسنا فلن يصدقنا أحد، لأن المسألة عصية على التصديق، حتى مقدمة الريبورتاج الذي بثته «السي ان ان» لصور ثعبان النفايات الذي يبدو أشبه بتجهيز ما بعد حداثي، اضطرت الى التأكيد أكثر من مرة أن الصورة هي لأكياس النفايات التي تتشكل كخاصرة لا نهاية لها لبيروت وضواحيها.
الحل يبدأ في الزبالة، كي لا نقول إن الحل هو الزبالة!
ماذا يعني ذلك؟
ما رأيكم لو قدّمنا اقتراحاً بسيطاً، وهو انتخاب زبّال رئيساً للجمهورية، وكهربائي رئيساً للحكومة وسنكري (سمكري أو سباك بحسب اللهجة المصرية) رئيساً للمجلس النيابي، شرط أن لا تعين الحكومة وزيراً للخارجية؟
وانا هناك أقصد المعنى الحقيقي للكلمات ولا استخدمها كاستعارات. لكن هذا الحلّ الذي يبدو منطقياً وبسيطاً سوف يصطدم بصعوبات التطبيق، فعمال النظافة آسيويون، وعمال البناء والكهرباء والسنكرة هم في اغلبيتهم الساحقة سوريون أو فلسطينون أو مصريون…
ما العمل؟
هل نسلم البلد إلى الغرباء؟
أم نبقي الوكلاء الذين اثبتوا فشلهم في كل شيء؟
الرأيان وجيهان، والمسألة كما كان يقــــول اســـــتاذنا الشــــيخ صبحــــي الصـــالح، رحمه الله، فيها قولان والله أعلم!
الياس خوري[/RIGHT]