عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
3184
 
مصطفى الطاهري
من آل منابر ثقافية

مصطفى الطاهري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
117

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Dec 2014

الاقامة

رقم العضوية
13405
01-20-2015, 06:15 PM
المشاركة 1
01-20-2015, 06:15 PM
المشاركة 1
افتراضي الماء المالح وأشياء أخرى
الماء المالح وأشياء أخرى

خذوني ...خذوني ...فحضن أمي لم يعد يستوعبني، كثرنا قيل لي ، وقيل بأن حليب أمي وقمح أمي والماء النازل من سماء
ربي، أشياء لم تعد تكفي ..خذوني ..
فلملمت أشيائي ، وحملت حلمي وصورة أمي في عنقي وقلت : البحر أرحم..
- اركب ؛ قال، وكان الآخرون قد سبقوني.
فسكبت روحي في كفه ، وانطلق بنا يمخر عباب الدجى ...
خامرني الشك، فقلت في نفسي :أبهذا الشيء؟
فصاح : لاتخافوا ، البحر صديقي ، وعيون الليل أغمضناها خلال النهار، والوصول سيكون عند الفجر.
نظرت حولي ، أصدقائي منكمشون لم يعيرواما قيل أي اهتمام ، فشعرت بالخوف وقلت في نفسي :متى يطلع الفجر؟
فجاءني صوت حزين من داخلي يقول:بعيد ...بعيد...بعيد...
ظلام فوق ظلام والخوف سيد المكان والزمان، ورذاذ الماءالمالح يلفح وجهي ليشعرني بأنني ما زلت أحلم، وتمنيت
لحظتها أن تتعطل كل حواسي ، فلا أسمع ولا أرى ولاأحس ، أن يصيبني الهبل ،فلا أذكر شيئا مما فات ، ولاأهتم
بما سياتي ، وتذكرت (عينوص) أبله قريتنا الذي كان يتمرغ في التراب وعندما يقوم، يصيح :أنا الآن فاعل مرفوع .
وكنا ندور حوله ونساله :و أين المفعول به ؟
فيصيح وهو يرقص ويضرب كفا بكف:أنتم ... أنتم ...
ولم أشعر إلا وأنا أقوم من مكاني وأصيح بأعلى صوتي أنا مفعول به أنا..فصفعني أحدهم، وخاطبني :اقعد وإلا رميتك
في البحر.
انكمشت في مكاني، حاولت أن أبكي فتذكرت أبي عند موته وهو يوصيني قائلا :_ كن رجلا يابني ...
ولما بدأت أبكي ورأى دموعي ؛أضاف : الرجال لايبكون ...
- بل أريد الآن أن أبكي يا أبي ، أنا لست رجلا ، أنا بهيمة آكل و أنام ، وأقود الآن نفسي للذبح .
وفجاة أضيئت الدنيا من حولنا ، ظننت أن النهار قد طلع ، فقمت من مكاني و قد شعرت بالآخرين قد قاموا ،لم يطلع
النهار ، كانت أضواء كاشفة تسلط علينا ، وصاح صاحب المركب : اقفزوا...اقفزوا..
وقفت حائرا ؛فقال لي أحدهم :اقفز، اقفز ، كن رجلا...