[tabletext="width:70%;"]
المرآة لا تظهر له الصورة التي حفظها عن نفسه
وجنتاه ذابلتان،لون شعره مسلوب
وقامته التي يذكر أنها تخفي من يقف خلفه
انحنت .. جلس على طرف سريره يقلب أوراق عقله
يريد أن يجد صفحة تشير لتاريخ علاقته بالأرض فوجدها صفراء متهالكة
كأنها قد ضمت الكثير ثم لم تعد قادرة على حفظه فسلمته للتلف
لكنه استطاع أن يتبين اسم صديقه "أحمد" ثم ناداه بملء صوته لأنه قد أُسعف بمعلومة أنهما في شقتهما الجديدة التي استأجرها والد أحمد
حين تم تعيينهما في مدينة تبعد عن القرية بـ 200 كلم
وبعد برهة من النداء المتواصل فُتح باب الغرفة
وأطل وجه لا يحمل ملامح أحمد
جلس بجواره وبرفق سأل : ماذا تريد يا أبي؟
وكأن كلمة أبي أحدثت عصفا في ذهنه وتساءل
إن كان له ابن يحمل كل تلك السنون على كتفيه
كم سيكون عمره !
لكنه تجاهل هذه الفكرة وأبدا نفورا في تعجب
"من أنت ! "
: أنا عمر يا أبي
كرر الكلمة بهدوء جعله يطمئن ليسأل
عن صديقه
: أنسيت جنازته كانت قبل أربع سنوات .
ارتفع حاجباه بصدمة ثم أرخاهما
بـ"لا حول ولا قوة إلا بالله"
راح يبحر في وجه هذا الجالس بجواره
يريد أن يصطاد أي شيء يعرفه عليه
غاص في عينيه ثم طفا وخرج يتفحص
حاجباه ، رسمة أنفه ،وذقنه
تأمل شعره الذي قامت حربه ضد البياض
ثم عاد لعينيه حيث أنه لا زال يعرف
أن عمق الإنسان الأبعد فيهما
ليرمي استنتاجه :
"الذكريات هي الأصل الذي نمضي عمراً
في بنائه حين تُسرق منا نفقد اتصالنا بكل شيء"
| [/tabletext]