عرض مشاركة واحدة
قديم 09-09-2010, 06:02 PM
المشاركة 190
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
دور المخ:

على أن السؤال الذي يبقى مُلِحٌّا هو:

إذا كان النوم ضرورة حياة، فمن أين ينبع، وما علاقته بالمخ؟! والمعروف أن المخ يهيمن على جميع وظائف الجسم بما يحقق التناغم اللازم لحفظ الحياة واستمرارها، وما دام النوم لازمًا لاستمرار الحياة على نحو سويّ، فلابد أن يكون خاضعًا لنشاط المخ.

وهذا الاستنتاج (النظري) يبدو منطقيٌّا ومقبولاً، ولكن إثباته (عمليٌّا) مسألة مختلفة، وما تزال تستعصي على المحاولة، على أن باحثًا أمريكيٌّا، يعمل أستاذًا لعلم وظائف الأعضاء (فسيولوجيا) في جامعة (هارفارد)، قطع خطوة لا بأس بها على طريق فهم العلاقة بين النوم وتأثير المخ.


ففي تجربة قام بها الباحث المذكور، تم حرمان بعض الماعز من النوم لمدة يومين، ومن (السائل المخي) في أدمغة الماعز، قام الباحث بسحب (استخلاص) مقادير صغيرة، ثم حقن تلك المادة في أدمغة بعض الأرانب والفئران فنامت على الفور! وعندما أعيدت التجربة باستخدام مقادير من (السائل المخي) من ماعز أنفق ليلة في النوم، لم تكن للمادة أي تأثير على الأرانب والفئران.

واستخلص الباحث من تلك التجربة أن (السائل المخي) يحتوي على مادة تؤدي إلى النوم، أطلق عليها اسم (عامل النوم) (Sleep Factor) (أو اختصارًا (Factor S).


وقد أمكن استخلاص مادة مشابهة لعامل النوم من بول الإنسان، وهي موجودة بمقادير ضئيلة للغاية في البول، بحيث تلزم عدة أطنان من البول لاستخراج (ملليجرام واحد) من تلك المادة، وعند حقنها في أدمغة حيوانات التجارب، فإن هذه المادة التي يطلق عليها أيضًا اسم (عامل النوم)، أدت إلى نوم الحيوانات نومًا عميقًا لمدة تراوحت بين أربع ساعات إلى اثنتي عشرة ساعة.

وما يزال (عامل النوم) الذي أمكن استخلاصه من بول الإنسان وتحليل طبيعته الكيميائية تحت الاختبار، ومن غير المعروف إلى الآن ما إذا كان (عامل النوم) الذي يفرز في بول الإنسان ينتجه المخ، أم تنتجه أجهزة أخرى في الجسم!


من جهة أخرى، فإن الاتجاه يتزايد نحو قبول دور ما يسمى (التكوين الشبكي) في المخ، في حالة (اليقظة الكاملة) عند الإنسان، و(التكوين الشبكي) (Reticular Formation)، هو مجموعة من الخلايا العصبية متناثرة في (ساق المخ)، سميت بهذا الاسم لأنها ترتبط بشبكة معقدة من الألياف العصبية مع سائر مناطق المخ أو ما يعرف باسم (المراكز العليا).


وقد أمكن إثبات أن (التكوين الشبكي) هو المسؤول عن حالة اليقظة، ذلك أن قطع اتصالات هذه الشبكة مع باقي مراكز المخ في حيوانات التجارب ـ أدى إلى نومها بصورة مستمرة، ومن غير المعروف على وجه اليقين، كيف يؤدي نشاط (التكوين الشبكي) إلى إحداث حالة اليقظة عند الإنسان، ولكن من المقبول ـ على الأقل في الوقت الحالي ـ التسليم بأنه (المسؤول عن اليقظة)، استنادًا إلى التجارب التي أجريت على الحيوان.


وبعد، فإن البحث العلمي والطبي في ظاهرة النوم لا يتعارض مع كون النوم آية من آيات الله ـ تبارك وتعالى ـ كما ذكر ـ سبحانه وتعالى ـ في محكم التنزيل: (وَمِنْ ءَايَاتِهِ مَنَامُكُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَآؤُكُم مِن فَضْلِهِ إنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)(الآية 23 من سورة الروم).


1. COLEMAN R. et al: “Periodic movements in sleep”. ANN Neurol 8: 416, 1980

2. CZELSLER C.A. et al: “Human sleep”. Science 210: 1264, 1980.

3.KALES A.: “Recent fndings in the diagnosis and treatment of disturbed sleep” . N Engl J med 290: 487,1984.

4. HOBSON J.A., BRAZIER M.A. (eds): “The Reticular Formation Revisited”. New Yourk. Raven Press, 2000.

5. JOSEPH. B. MARTIN: “The Sleep Wake Cycle”, in “Harrison’s principles of Internal Medicine”. New Youk, McGraw Hill, 2001.

//


انتهى ..

د. عبدالرحمن النمر