عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
10

المشاهدات
4788
 
عبد الحميد سحبان
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


عبد الحميد سحبان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
92

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Dec 2014

الاقامة

رقم العضوية
13467
12-28-2014, 10:47 PM
المشاركة 1
12-28-2014, 10:47 PM
المشاركة 1
افتراضي أقصوصة الغراب المنحوس لعبد الحميد سحبان.
[tabletext="width:70%;"]


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وجهه كالغراب، كنا نسميه الغراب المنحوس، من "صَبَّحَ" عليه لا يمر يومه بخير، التقيت به هذا الصباح. لعنت وجهه القبيح وتمنيت من أعماق نفسي أن يمر هذا اليوم بخير.
عقدت ما بين حاجبي، بمعنى أنني لَقِصْتُ*، ثم قصدت الحافلة وأخذت أفكر في قصة الغراب المخدوع، حاولت أن أقنع نفسي بسخافة الاعتقاد، لأن الغراب ليس منحوسا في الأصل كما خمنت.
وصلت إلى المحطة وانتظرت الحافلة طويلا على غير عادتي، نظرت إلى ساعتي فعرفت أنني سأضيع دقيقتين من درسي إن أنا ركبت في الحافلة الموالية..
نسيت أن للغراب دخل في مشكلتي، ظهرت لي الحافلة العمومية من بعيد. فضحكت في أعماقي من قصة الغراب المنحوس. شددت على محفظتي وتأهبت، لكن الحافلة خلفت وراءها زوبعة كبيرة من الغبار رأيت فيها علامات الشؤم.
صبَّرت نفسي وقلت لا بأس سأستقل حافلة الخواص: " لا ضير في الأمر، درهمان أدفع بهما شؤم الغراب"، تحمست، وقلت في نفسي إن الشركة الخاصة للحافلات ستساعدني على محو هذا الاعتقاد السخيف.
لاحت لي حافلة الخواص تأكل الطريق في اتجاهي، ضحكت حتى انتبه إلي أحد المارة. وقفت الحافلة، تزاحمنا على بابها الضيق، صعدت بمشقة الأنفس.
أخذت مكاني وسارت الحافلة كالريح، حينها تأكدت من أن المسألة ليست إلا اعتقادا صبيانيا، اقترب مني الجابي، ثم طلب إلي أن أؤدي ثمن ركوبي، وضعت يدي في جيبي، ماذا؟؟؟؟ "يا أ لله"!!!، نظرت إلى السروال، عرفت أنه سروال أخي علي، ليس به أي فرنك، لقد لبس الأحمق سروالي دون أن ينتبه ولبست سرواله على عجل دون أن أنتبه إلى ذلك، يا للمصيبة !!!!
قال الجابي:" هات النقود."
قلت له: " هذا سروال أخي."
رد مستهزئا: " ولو كان سِرْوَال القس، هات النقود هات."
قلت بحسرة: " إن أخي علي لبس سروالي الذي به النقود.... واللهْ العَظِيمْ."
ضحك الناس، قال أحد المتطفلين: " التسرع وعدم الانتباه."
وصاحت امرأة قريبة مني: "مِسْكِينْ".
قال الجابي محتدا: " أتسخر مني".
قلت له: "إنها الحقيقة، هذا سروال أخي علي وليس به أي فلس".
فصاح الجابي بالسائق: " اتجه بنا إلى مخفر الشرطة."
تجمد الدم في وجهي، وأصبحت أصفرا كالميت، رد الجابي واثقا : "هناك سنعرف سروال من هذا؟".
تحرك أحد أصحاب الحسنات، وأدى عني ثمن التذكرة، صفعني الجابي على قفاي وقال لي متهكما: "كم تتقنون المسكنة....". لم أجب إنما طأطأت رأسي خجلا من الموقف، ثم حدقت في وجه الجابي جيدا، لأنني عرفت أنه سيؤدي غاليا ثمن تلك الصفعة.
وصلت الحافلة إلى آخر محطة، بدأنا بالنزول، سمعت السائق يقول للجابي وهو يناديه باسمه: " يا عبد الله، أنقدنا بالفطور، فإنني لم أعد أتحمل مزيدا من الانتظار".
عرفت أن الفرصة مواتية، نزلت من الحافلة على عجل، التقطت حجرا متوسطا بخفتي المعتادة، وضعته تحت إبطي، سرت متسللا وراء الجابي الذي كان يتمختر في مشيته كأنه أحد أبطال فيلم من أفلام الويتسرن مترجلا عن فرسه عفوا عن دابته الحديدية.
التفت يـمينا ويسارا لأتفقد الأحوال، ظهْر الجابي قريب مني، أمتار قليلة تفصلني عنه، الفرصة مواتية، صوبت الحجر نحوه بكل ما أوتيت من قوة، تكوَّر في ظهره، فسمعت صرخة البطل المهزوم.
أطلقت ساقي للريح، فعانقني في لمح البصر مخبر كان بالصدفة قريبا من الحادث، وبعد أن حمَّر وجهي صفعا أبويا حارا، جرني إلى سيارة الشرطة، أظن أنني أول ضيف أركب فيها هذا الصباح.
ومن داخل المخفر أيقنت أن للغراب وجها منحوسا من "صَبَّحَ" عليه يقضي بقية يومه في ضيافة الشرطة أو بعض أيامه في المستشفى.
* لقِصت: ضاقت نفسي.
عن المجموعة القصصية "التعويذة" المنشورة سنة 1996 بمدينة فاس المغرب، الغلاف للفنانة مهري فوزية، والرسم هو من الرسوم الواردة بالمجموعة وهو كذلك للفنانة السالفة الذكر.
ملحوظة: هذه القصة محورة عن النص الأصلي لمجموعة "التعويذة" بتعديل المقاطع المكتوبة بالدارجة المغربية.
عبد الحميد سحبان
[/tabletext]


الصور المرفقة
نوع الملف: jpg التعويذة.jpg‏ (8.2 كيلوبايت, المشاهدات 27)
نوع الملف: jpg رسم الكوريو.jpg‏ (93.8 كيلوبايت, المشاهدات 4)