عرض مشاركة واحدة
قديم 09-09-2010, 04:58 AM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
البحث عن الزمن المفقود‏

تحليل موجز‏


يتألف "البحث عن الزمن المفقود" من سبع روايات. عنوان الأخيرة "الزمن المستعاد" لأنها نوع من التأمل في الروايات الست الأولى، أي حصيلة حياة المؤلف. فالمجموعة الروائية تُعرض على أنها سيرة ذاتية وتُروى لنا بصيغة المتكلم.‏

تُقسم الرواية الأولى ذاتها "جوار منازل سوان" إلى قسمين رئيسين (بالإضافة إلى قسم ثالث لا يعادلهما أهمية). ينقلنا القسم الأول إلى مضيف يُدعى "كومْبْري" تعود ملكيته إلى أسرة الراوي، وذلك أثناء طفولة هذا الأخير. وهذا القسم من الرواية هو عبارة عن مجموعة أخبار عائلية وقروية بالإضافة إلى بداية استكشاف حياته الداخلية، والتقلّبات اللاشعورية للانفعالية ونلتقي بأسرة الراوي. جدّه وعمّاته أو عمّات والديه، ووالده والخادمة "فرانسواز" التي ستلعب دوراً هاماً جداً خلال الكتاب بكامله وأخيراً وخاصة والدته وجدته. ومن بين جيرانهم في الريف آل "غِرْمانْتْ" الذين لا نلقاهم في هذا الكتاب والذين يشكلون بالنسبة لمخيلة الطفل، حلماً يتعذر بلوغه، و"شارْلْ سْوانْ"، الغنيّ المستنير الهاوي للفن والنساء" في آن.‏

وكانت النزهات تتمّ أحياناً في جوار منازلنا "غِرمْانْتْ" وأحياناً في جوار منازلنا "سْوانّْ" ومن هنا أُخذ عنوان القصة. وكان "سْوانّْ" كجار ودوداً ولطيفاً، يقوم مراراً بزيارة والدي الراوي وجدّيه. غير أن هذا لم يكن المبرر الوحيد لوجودنا آنذاك إلى "جوار منازل سوان"، لأن القسم الثاني من الرواية وعنوانه "حبّ سْوانّ"، يقص علينا حب "سوان" الكبير لـِ "أوديت" الذي تقع أحداثه قبل عدة سنوات. فـ "سوان" الآن هو زوج "أوديت". ونتعرّف أيضاً في هذا النص على نحو شامل، إلى السيد والسيدة "فِرْدورانْ" وهما برجوازيان ثريان ومنتداهما مثال السنوبيّة الأدبيّة والفنية مقابل سنوبية آل "غِرْمانْتْ" الأشرافية.‏

ويرتبط القسم الأول بالتالي من جديد فيشكّلان طفولة الراوي، إنما في "باريس".‏

الرواية الثانية "في ظل فتيات في ربيع الحياة" تتعلق في جملتها بمراهقة الراوي وحبه الأول الذي كانت بطلته "جيلْبرْتْ سوان" وهي ابنة "سوان. حب تعس يتيح للمؤلف أن يدرس من خلال نفسه "تقلّبات القلب". وتنقسم هذه الرواية أيضاً إلى قسمين:‏

الأول، تجري أحداثه في "باريس"، يرينا المراهق وهو يتردد على منتدى السيدة "سوان" ويتعرّف إلى الكاتب الكبير الذي أُعجب به كثيراً وهو "برْغوتْ" والذي يمثل الأدب ـ كما سيمثل "فينْتوي" الموسيقى و "إلسْتيرْ" الرسم ـ ويتعرف أيضاً إلى السياسي الفظ السيد "نورْيْوا" وهو ذاهب للمرة الأولى إلى المسرح ليشاهد "البرما" la Berma الممثلة التراجيدية الشهيرة. ويعيش الراوي في هذا القسم حبه اليائس نحو "جيلْبرْتْ". ويطلق العنان، في هذا الصدد، لمبادئ فلسفته في شهوة الحب.‏

وينقلنا القسم الثاني إلى شاطئ البحر في "بليك" التابعة لمنطقة "النورْمانْدي". هنا يتعرف الراوي إلى جمع من "الفتيات في ربيع العمر" بينهن "ألْبِرْتينْ" التي تُصبح الهوى الذي يهيمن على حياته كما يتلقى شخصين سيصبحان هامّيْن جداً وهما "روبير دُـسانْ لو" والسيد "شارلو" بالإضافة إلى "شخص" سيلتحم بالرواية ويغنيها، إنه فندق "بَلْبيكْ" الكبير.‏

الرواية الثالثة، "جوار غِرْمانْتْ" تدور حوادثها بكاملها في "باريس"، ما عدا فترة الإقامة الساحرة في "دو نْيْسييرْ" وهي مدينة صغيرة في المقاطعة حيث يكون "سان رلو" ضابط موقع. والرواية التالية "صادوم وعامورة". تبرز حياة الراوي الاجتماعية في أوجها: فتارة نراه في صباحيّة عند السيدة "دُفيلْياريزي" التي تربطها بآل "غِرْمانْتْ" علاقات اجتماعية، ونلقاه تارة أخرى يتناول العشاء عند الدوقة دُ"غِرْمانْتْ" وهي "أوريانْ" التي كان الفتى أحبّه في مخيّلته. ونراه أيضاً في سهرة عند الأمير دُ "غِرْمانْتْ" زوجة أخ الدوقةَ. هذه اللقاءات الثلاثة (الثالث منها يقع في "صدوم" و"عامورة") تتجاوز بكثير مستوى "الرواية الاجتماعية". إنها ثلاثة عوالم مُصَغرَة حيث يُدخل الكاتب تأمله حتى الذي يتناول الوضع البشري بأكمله. من جهة أخرى، يتّسم "جوار غرْمانْتْ" بموت جدة الراوي التي كان لها دور هام في حياته.‏ .‏

"الهاربة" La Fugitive (التي سُمّيت سابقاً في الطبعات الأولى "ألبرتين المفقودة" Albertine disparue ) وفي هذا الكتاب يلاحظ الراوي تقاصر حبه بعد غياب تلك التي كانت موضوع هذا الحب. ويتبيّن أن الموت لم يخمد جذوة غيرته الاستعادية، إذ إنه استمرّ مدة طويلة يحاول جاهداً اكتشاف الحقيقة بكاملها حول علاقات "ألْبرتْينْ" الشاذة. وشيئاً فشيئاً يزول حبه كلياً. لقد ماتت "ألْبرتيْ" حقّاً هذه المرة.‏

ويبلغ الراوي الكهولة؛ فيعيش منذ ذلك الوقت في "الزن المستعاد" le Temps Retuorvè بمنأى عن أهوائه وطموحاته. ودون أن يفقد شيئاً من دقته في الملاحظة ولا من دعايته اللاذعة أو من روح الهزل، يصف لنا "باريس" أثناء الحرب كما يصف لنا أيضاً صباحيّة أخرى عند السيدة "فِرْدورانْ" (التي أصبحت الأميرة دُ "غِرْمانْتْ") ويبلغ الراوي تجرّداً يسمح لـه أن يحوّل نشاطه بأكمله إلى كتابة عمله الفنّي. وهكذا "استعيد" الزمن المفقود".‏